ثمن الجلوس الطويل أمام التلفزيون والكمبيوتر الخمول وقلة الحركة وراء هشاشة عظام أطفالنا

العدد: 9476

الثلاثاء: 26-11-2019

 

الإكثار من النطنطة والحركة هو المسؤول عن كثرة حوادث كسر العظام لدى الأطفال، هذا أمر معروف ومتداول بين الناس، ولكن الجديد هو أن هذه المعلومة غير صحيحة البتة، فقد كشفت دراسات طبية أجريت عن معلومات مؤكدة مفادها أن الخمول وقلة الحركة يقفان وراء علة العصر المتمثلة في ضعف العظام لدى أطفالنا اليوم انعدام الحركة يربك نظام السيطرة عند الطفل ويقصر إحساسه بالمكان وقدرته على تقييم إمكاناته وتعج أقسام الطوارئ اليوم بأطفال قادمين من ساحات اللعب على متن سيارات إسعاف بعد أن تعرضوا لحوادث بسيطة أدت على نحو غير متوقع إلى كسر في عظام الرسغ أو الأطراف العلوية ،وهي المواقع التي يقول الأطباء إنها تشكل نقاط ضعف الهيكل العظمي لدى أطفالنا وتشير الإحصاءات إن نسبة لا بأس بها من الأطفال يزورون المستشفيات كل عام بسبب كسر ناجم عن ألعاب عادية من غير المنطقي أن تشكل خطراً من ذلك القبيل وأكثر من نصف أولئك الأطفال تعرضوا إلى سقوط خفيف في ساحات اللعب المعتمدة والمغطاة بالرمال لحماية الأطفال أو نتيجة سقوطهم وهم في طريقهم إلى مدارسهم أو أثناء عودتهم منها. 

أو نتيجة لعبهم في الحدائق والساحات العامة، والمشكلة الأهم هي أن أطفال اليوم يجلسون طوال الأسبوع في أوضاع استرخاء وخمول أمام شاشات التلفاز والكمبيوتر وعندما تأتي نهاية الأسبوع ينطلقون بصحبة ذويهم إلى الحدائق والأسواق ويكون الطفل على مدى الأسبوع قد اختزن طاقة هائلة يريد تفريغها بأي شكل ومن فرط الحركة والوثب هنا وهناك تتزايد احتمالات السقوط والارتطام فيفاجأ الأهل بأن حادثاً بسيطاً يؤدي في النهاية إلى كسر أو شعر في العظام.
فمشكلة انعدام الحركة التي تواجه أطفالنا هذه الأيام تؤدي إلى قصور في الوعي المكاني للطفل بمعنى أن الطفل لا يعود قادراً على استيعاب أبعاد المكان الذي يتحرك فيه ،وفي هذا الإطار يبقى الطفل الذي لا يتحرك كثيراً ولا يأخذ حقه من اللعب لا يسيطر على حركاته ولا يتمكن من تقييم قدراته الجسمانية عندما يود القيام بحركة معينة حتى بعد الحركات البسيطة قد تؤدي إلى الإصابة.
والمشكلة أحياناً تكون من ابتكار الأهل الذين يدفعهم الخوف على أبنائهم إلى إمطارهم بالتحذيرات بلا كلل ولا ملل .فالطفل الذي اعتاد أن يلعب بحرية سيبني لنفسه سيطرة أكثر على قواه وعلى المكان الذي يتحرك فيه من دون مؤثرات خارجية .أما الطفل المقيد بصيحات الأم والأب فمن المرجح أن يتعاظم عامل الخوف لديه بحيث يفقد قدرته على تقييم قدراته الجسمانية وأبعاد المكان الذي يمارس فيه حركته ،وهذا ما يزيد نسبة حوادث السقوط والكسور التي ترد إلى أقسام الطوارئ مردها إلى تعطش الطفل للحركة والقفز على قوانين الخمول المفروضة بحكم أنماط المعيشة العصرية.
وبالنسبة لأولئك الأطفال من الصعب تفويت مناسبة تفريغ الطاقة المخزونة على مدى أيام وبالنسبة لأولياء الأمور إن أسوأ نتيجة يمكن أن يؤدي إليها كسر عظام أبنائهم هي أن تزداد مخاوفهم على الأطفال بحيث يفرضون عليهم المزيد من القيود.
والمطلوب هو أن نتحمل تكاليف بناء أجساد أطفالنا على الوجه الصحيح ولو أدى ذلك إلى ترددنا على أقسام الطوارئ لذلك لا تقلقوا من الأمر وافسحوا المجال لأبنائكم كي يتحركوا أكثر وأكثر.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار