مدير مالية اللاذقية: التهرب الضريبي أخطر الجرائم الاقتصادية

العدد: 9468

الخميس:14-11-2019

 

 

التهرب الضريبي مرض اقتصادي ليس بجديد، استغله الممتهنون له أبشع استغلال لتحقيق مصالحهم وجني المزيد من الأرباح على حساب قوة الاقتصاد الوطني، والحديث هنا عن فئات معينة ليست متوسطة ولا صغيرة وجدت أبواباً عديدة للتهرب من ضرائبها، لنجد في الضفة الأخرى أصحاب الدخل المحدود أكثر الأطراف التزاماً بدفع الضرائب فأين العدالة الضريبية هنا؟!

الاستعلام الضريبي غير مخوّل بمنح أية معلومة

غرفة التجارة: نخضع لمزاجية المراقب المالي

زيادة النفقات وتقليل الإيرادات

تنظيم إجازات استيراد بأسماء مختلفة

كما تسري وجهات نظر عند المكلفين تقول أنّ قانون الضرائب ظالم والموضوع يتوقف على مزاجية المراقب المالي، ولمعرفة واقع الحال في اللاذقية والوقوف عند ما سبق كان لا بدّ من التواصل مع قسم الاستعلام الضريبي في مديرية مالية اللاذقية والذي يتبع مباشرة إلى الاستعلام الضريبي في وزارة المالية والذي بدأنا معه رحلة مكوكية لم تثمر أبداً فكان الاتصال الأول مع رئيس قسم الاستعلام الضريبي في اللاذقية رشا حلوم التي أكدت أنّه لا معلومات تصدر إلاّ بالرجوع إلى وزارة المالية، قسم الاستعلام الضريبي حيث تواصلنا مع محمد زيدان رئيس القسم في الوزارة والذي حولنا بدوره إلى رئيس قسم العلاقات العامة رانيا علي والتي بدورها أكدت أنّ موضوعنا عند الهيئة العامة للضرائب والرسوم وهنا قمنا بالتواصل مع الدكتور عبد الكريم الحسين مدير عام الهيئة العامة للضرائب في دمشق والذي أكّد أنّ الموضوع لدى الاستعلام الضريبي وليس عنده علماً أن ما نطلبه لا يتعدى إحصائيات وأرقام تخص محافظة اللاذقية وما هي الإجراءات المتخذة حيال ملف التهرب الضريبي، فلماذا التهرب من الإعلام ما دمنا نتكلم عن التهرب الضريبي وماذا فعلتم اتجاه هذا الموضوع وخاصة أن وزير المالية قد تكلم أمام الإعلام عن التهرب الضريبي ووجود حالات واضحة تتم فيه بالتواطؤ مع بعض الموظفين.
وبعد اتصال ثاني مع رشا حلوم مدير قسم الاستعلام الضريبي في اللاذقية ظناً أنّ الأمور تسير بسلاسة أكدت أنها تواصلت مع محمد زيدان ولم يسمح لها بمنح أي معلومة وجاءت كل هذه الاتصالات بعد اتصالنا مع مدير مالية اللاذقية رياض قشوره الذي أوضح أن ما نحتاجه من معلومات إحصائية ليست لديه ولا تتوفر إلا بالقسم الاستعلام الضريبي وهو قسم يتبع مباشرة لوزارة المالية – قسم الاستعلام.
ولكنه مستعد للنقاش في موضوع التهرب الضريبي حيث قال: التهرب الضريبي من أخطر الجرائم الاقتصادية على الإطلاق لما له من خطورة على الاقتصاد الوطني وما يتسببه من عجز للموازنة العامة للدولة كون الخزينة من خلاله تفقد جزءاً من موازنتها يخل بمبدأ المساواة والعدالة في فرض الضريبة على المكلفين.
تنظيم إجازات استيراد بأسماء مختلفة
وكشف مدير مالية اللاذقية رياض قشوره بعض أشكال التهرب التي تحصل كزيادة النفقات وتقليل الإيرادات حيث يتم تضخيم التكاليف على نحو وهمي من خلال زيادة تكاليف السلع وزيادة نفقات أجور العمال حتى تصبح الأرباح الظاهرة قليلة وبالتالي تقل الضرائب المفروضة عليها، وشكل آخر تمثيل بتنظيم إجازات استيراد السلع بأسماء مختلفة قد يكون ليس لها علاقة بالتجارة والاستيراد بغية التهرب من دفع الضريبة وبالتالي إخفاء الذمة المالية للمستورد الحقيقي، الكتمان الكلي للنشاط الاقتصادي شكل من أشكال التهرب بحيث لا يصل عنه أية معلومات إلى الدوائر المالية ولا يتم دفع أية ضرائب عنه على الإطلاق الأمر الذي يساعد على وجود القطاع غير المنظم (اقتصاد الظل) المتمثل في وجود عدد كبير من الأنشطة الاقتصادية التي تعمل دون ترخيص ودون أن تسدد أية ضريبة وقد يشمل بأن هذه الأنشطة أعمالاً صناعية أو حرفية.
وهناك فن آخر يتمثل بتأخير المكلفين عن دفع الضريبة لعدة سنوات من أجل استخدام مبلغ الضريبة في فترة التأخير كربح وانتظارهم صدور مراسيم أو قرارات عفو من الغرامات والفوائد.
غياب العدالة الضريبية
وتطرق قشوره إلى الآثار السلبية للتهرب الضريبي وما تخلفه من انخفاض في حجم الإيرادات العامة التي تجنيها الدولة من المكلفين وبالتالي تنخفض الأموال التي يجب أن تخصص للإنفاق الاستثماري أو الجاري مما يؤثر على جودة الخدمات الحكومية ويؤدي إلى عرقلة مشاريع الدولة في التنمية الاقتصادية الاجتماعية، كما ينعكس التهرب على عدم تحقق العدالة الضريبية بين المواطنين بحيث يدفع قسم من المكلفين الضريبة ولا يدفعها الآخر ناهيك عن الجانب الأخلاقي المتمثل في الفساد وانعدام الأمانة في العمل وأداء الواجب الذي ينشئ جيلاً يمتهن الاحتيال والنصب والتلاعب على القوانين والاستفادة من الثغرات الناتجة عن غموض بعض النصوص وإمكانية تفسيرها بأشكال مختلفة.
وتابع قشوره: اضطرار الحكومة إلى سداد العجز الناتج عن التهرب الضريبي من خلال اللجوء إلى القروض الداخلية والخارجية وهذا يوقعها في مأزق يتمثل في عملية خدمة الدين من حيث سداد القروض ودفع الفوائد المترتبة.
تدعيم الدوائر المالية بعاملين ذوي كفاءة ونزاهة
وفيما يخص معالجة التهرب الضريبي بيّن قشوره أنّ الاعتناء بالثقافة الضريبية وحسن التعامل بين المكلف والدوائر المالية خطوة في معالجة التهرب وهذا يتطلب تدعيم الدوائر المالية بأعداد كافية من العاملين ذوي الكفاءة والنزاهة وتزويدها بما تحتاج إليه من أجهزة ومعدات آلية متطورة تتلاءم مع درجة المهمة الملقاة على عاتقهم إذ أن مكافحة التهرب الضريبي تعني قبل كل شيء وجود أداة ضريبية عالية الجودة، ولا بدّ من التأكيد على مبدأ العدالة الضريبية مما يستدعي تحديد نسب ومعايير معتدلة للضرائب حتى لا يتولد لدى المكلف شعور بأنه يقع تحت أعباء ضريبية تتجاوز طاقته المالية ولكي لا يندفع بالتالي لممارسة أية حالة من حالات التهرب الضريبي وضمن هذا الإطار جاء قانون الضريبة على الدخل رقم (24) لعام 2003 والمرسوم التشريعي رقم (51) لعام 2006 الذي خفض النسب الضريبية إلى 28 % كحد أقصى للضريبة على المؤسسات الفردية وشركات الأشخاص ونسبة 14% للشركات المساهمة التي تطرح 50% من أسهمها للتداول في السوق المالية و 22% كنسبة وحيدة للشركات المساهمة والشركات المحددة المسؤولية ويعتبر هذا المعدل أخفض معدلات الضرائب على دخل الشركات في دول الجوار.
حق الاطلاع على الأوراق الخاصة بالمكلف
وأكد قشوره على أن زيادة الوعي الضريبي لدى المكلفين خطوة ضرورية لمعالجة التهرب وذلك عن طريق تعريف أفراد المجتمع بواجباتهم الضريبية بشتى الوسائل المتاحة وتنظيم الدورات المتخصصة لشرح بنود القوانين والأنظمة والتعليمات النافذة في مجال الضريبة وكيفية احتسابها وتحصيلها الأمر الذي يؤدي إلى غرس القيم الاجتماعية والأخلاقية في نفوس المواطنين، ويجب الاستفادة من التشريعات الإسلامية والتجارب السابقة للدول الصديقة في التعامل مع المتهربين ضريبياً ولا بدّ من منح الإدارة الضريبية حتى الاطلاع على الأوراق والوثائق الخاصة بالمكلف والتي تفيد في الكشف عن حقيقة المركز المالي لهذا المكلف والاعتماد على تبليغات الغير ومنح مكافآت مالية لمن يقوم بهذا التبليغ وهذا ما أمنه قانون الاستعلام ومكافحة التهرب الضريبي رقم (25) لعام 2003 والذي خوّل العاملين في مجال الاستعلام ومكافحة التهرب الضريبي اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بتطبيق أحكامه وأسبغ عليهم صفة الضابطة العدلية في معرض تطبيق هذا القانون ومنحهم حق الاطلاع على كافة البيانات والوثائق المتعلقة بالتكليف بالضرائب والرسوم واستقصاء كافة المعلومات عن الأوضاع المالية للمكلفين وضبط حالات التهرب الضريبي.
والتحقيق في الشكاوى والإخبارات المتعلقة بالتهرب الضريبي كما ألزم الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في كل من القطاع الخاص والمشترك وجهات القطاع العام والتعاوني تقديم كافة البيانات والمعلومات والوثائق التي يطلبها العاملون في مجال الاستعلام ومكافحة التهرب الضريبي.
مزاجية المراقب المالي
وللوقوف عند الطرف الآخر تواصلنا مع السيد كمال منغلجي عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة اللاذقية الذي أكد على عدم وجود تهرب ضريبي والتزام كافة رجال الأعمال بالضرائب رغم أنّ قانون الضرائب ظالم ويتوقف الموضوع عند مزاجية المراقب المالي وما مدى فهمه للموضوع فمثلاً يأتي المراقب المالي ويطلع على الأوراق والدفاتر فيقبل جزءاً من المصاريف وجزءاً آخر لا يقبله ويقع بعض المناوشات بيننا وبينهم حول تهمة مزاجيتهم للموضوع وبشكل عام القدرة الشرائية قليلة في اللاذقية والضرائب كبيرة والمجتمع في اللاذقية مجتمع موظف ودخله معروف فنأمل من القوانين الجديدة التي تسن حالياً في موضوع الضرائب أن تلبي كل الأطراف وتنعكس إيجاباً على المواطن والمكلف .
في النهاية
يبقى موضوع التهرب الضريبي ملفاً كبيراً وشائكاً والحديث فيه يطول ويطول وما نعلمه حقاً أنّ كل ما يدفعه التاجر من رسوم وتكاليف تدوّن على فاتورة المستهلك من حيث لا يدري وبالتالي لطالما المواطن يدفع ضرائبكم ورسومكم فعليكم الالتزام بدفعها وعدم التهرب، وحول التقييم الخاص بالمراقب المالي لعلّ القوانين القادمة تدغدغ كل الأطراف ولا تترك مجالاً للتأويل والثغرات في مجال الضرائب وتحصيلها.

تغريد زيود

تصفح المزيد..
آخر الأخبار