العدد: 9464
الخميس:7-11-2019
أحبك يا وعل الجبال، هو عنوان المجموعة القصصية الجديدة الصادرة مؤخراً عن الهيئة العامة السورية للكتاب للكاتبة المتميزة هدى وسوف السلسة بلغتها والعميقة في التماس الوجع ونقله بصورة السهل الممتنع.
هي التي عرفناها بقصصها في طرقات وعرة وجرح صغير وروايتها ندوب في الذاكرة وتفاصيل الغياب.
تشدك هدى وسوف في كل كتاباتها، ومجموعتها الجديدة هذه، ببساطة أسلوبها وعمق طرحها. وها هي تضيف تأكيداً جديداً على تصنيفها الأدبي الناجح ورصيدها أيضاً، فتعرض لأفكار جديدة وقصص جديدة تأثرت بها في زمن الحرب، وككل سوري عايش أحداث الحرب وسمع قصصها التي حصلت لابن، أو جار، أو أخ، أو قريب، أو صديق لتنقلها ببراعة وواقعية تقع المجموعة في 132 صفحة من القطع المتوسط وتضم /16/ ست عشرة قصة، عن هذه المجموعة حدثتنا الأديبة وسوف فقالت: تتمحور القصص حول معاناة الإنسان عموماً، ومعاناة الإنسان السوري بشكل خاص في ظل الحرب على الوطن وناسه.
في هذه القصص، ندخل إلى أعماق الشخصيات، نستمع إلى أفكارها وهواجسها الجوانية التي لا تقال على الملأ. نطلع على الحوارات الداخلية التي يجريها الإنسان مع نفسه، كما في القصة الأولى (أحبك يا وعل الجبال) والتي حملت عنوان المجموعة. وهي من تداعيات الحرب ونتائجها السلبية وآثارها السيئة على الأجساد والنفوس، وما أوقعته من جراح مادية ومعنوية بالناس.
تنتصر القصص للقيم النبيلة من حب وإخلاص ووفاء لمن نحبهم، وقد ألمت بهم الرزايا بسبب العدوان. ففي القصة الأولى ترفض الزوجة المحبة أن تهجر زوجها بعد إصابته في الحرب، وقد غدا مقعداً، وهو يريد أن يتركها مدفوعاً بكبريائه أو كرامته التي تأبى أن تكون محط شفقة وعطف، وهنا تتجلى نبل المرأة السورية في هذه الحرب والتي عرفنا فيها الزوجة المخلصة والأم المفجوعة العظيمة بصبرها وشموخها.
وتتوالى القصص لتسرد أحداثاً حقيقية فيها الكثير من الواقع، لكنها كتبت وصيغت بأسلوب أدبي. بحيث تعتبر توثيقاً لحكايات عرفناها وشاهدناها وسمعناها. والكلام لا يزال للأديبة وسوف تتابع: تتطرق القصص أيضاً إلى مواضيع اجتماعية ظهرت أيضاً في الحرب بشكل أكبر كالفساد الإداري، والفقر والحرمان المادي، وما ينتج عن كل ذلك من ظلم وقهر ينعكس على النفوس. في النهاية هي محاولتي كغيري من الأدباء للقيام بعمل إيجابي يساهم، بشكل ما، بتخليد التضحيات العظيمة التي قدّمها أبناء شعبنا من مدنيين وعسكريين على مدى سنوات الحرب من أجل عزة الوطن وكرامته.
وعند سؤالنا الأديبة لماذا اختارت هذا العنوان لمجموعتها القصصية أجابت اخترت هذا العنوان للمجموعة لأنه عنوان القصة الأولى والمحورية في المجموعة، الوعل هو الغزال الرشيق الذي وجدته الزوجة السورية بشخص زوجها، الذي أحبت روحه وجوانيته، ولم يعنها الجسد وهي صورة نموذجية للمرأة السورية المحبة الوفية المخلصة التي عندما تحب، إنما هي تحب وتعشق الروح وتتعلق بها بعيداً عن الجسد ولأن بطلة القصة وجدت في زوجها المشلول المقعد غزالاً رشيقاً نابضاً. بحب الوطن وحب التضحية ولو كان على كرسي مدولب.
وأختار هذا المقطع المعبّر جداً: متخمة بعشقك حتى نهاياتي ما زلت… عاشقة لروحك التي بها اتحدت… فما زلت أراك غزالي الرشيق، وعلى الجبال الآتي من عمق الغابات، واتساع البراري.. ما زلت حبيبي الذي أحببته وأحبّه، منذ عهد قديم.
نذكر من قصص المجموعة المميزة أيضاً: أنا والثلج ومارييل، صدأ، زائر المساء، اشتياق، ثمة ذئاب في الأسفل، نبالة أمّ، وحكاية وجع.
مهى الشريقي