الفنون الرقمية الحديثة تنازع التقليدية دون تفوّق أو صدارة

العدد: 9460

الأحد: 3-11-2019

أحدث التطور التكنولوجي الرقمي قفزةً كبيرة ونوعية في عالم الفن وخاصة التشكيلي، وأسهم في تغيير الوسائل والأساليب التقليدية المتّبعة، وغيّر في طرائقه، فاستغنى كثيرون عن فرشاتهم وألوانهم الكلاسيكيين، ويعدّ الفنّ الرقمي الحديث كما يسميه روّاد الفنّ اليوم إحدى المدارس المعاصرة التي يتوجّهون إليها، وتلقى الترحيب والاحتفاء على غير مستوى.
فيما يعده بعض النقّاد نوعاً من الفنون خارج إطار الإبداع ولا صلة له بتاريخ التشكيل وصناعته، خالية من أي أحاسيس أو مشاعر تحلّق بالمتلقي إلى عوالم الخيال وأطيافه، إذ مهما بلغنا من التطور التكنولوجي تبقى مفرداته ومفرزات بلا حياةٍ أو نبض، لا يمكنه نقل اللحظة ومشاعرها وما يعتريها من حبّ كره أو قبح وجمال … لتبقى اللوحات الرقمية مجرّد لوحات استعراضية لمهارات الحاسوب وقدراته البرمجية الهائلة على حساب المهارات الفردية والشخصية لصاحبه.
وبالرغم من النقد اللاذع الذي يتعرض له فنانو الحداثة التكنولوجية حول مصداقيتهم وأهمية نتاجهم ودوره في الحراك الفني التشكيلي في أي زمان أو مكان، إلا أن روّاده يدافعون عنه ويتمسكون به على أنه فنّ قائم بحدّ ذاته، له أدواته وطرائقه الإبداعية، فيه من لمسات صاحبه الكثير، ينافس الفنون البصرية التقليدية لا بل يتفوّق عليها أحياناً، فهو يواكب التطور الرقمي ويجاريه والمستقبل له وللحداثة التي ينشدها.
ولئن اختلفت أدواته عن الفرشاة والألوان واستُعيض عنهما بالقلم الضوئي أو الفأرة، يبقى حراً بلا قواعد أو ضوابط، إنما يعتمد الابتكار والإبداع وإطلاق العنان لمخيّلة الفنان وقدرته على خلق الجديد وتوسيع مداركه، وهو فنّ غير سهل، ويحتاج دقّة عالية وقدراتٍ متميزة في الرسم واستخدام الألوان وتوزيعها على المساحات الرقمية الخالية أمامه.
وتعد التقنيات الرقمية وسيلة لتحقيق هدف معين، وتعمل كأداة لخلق الأشياء كاللوحات والصور والمطبوعات والمنحوتات، كما تجسد التكنولوجيا كشفاً للإمكانات التي تنطوي عليها هذه التقنية في جوهرها.
وبمقارنة عمل فني رقمي بآخر رسم بالقلم الرصاص أو الألوان الزيتية أو الإكرليك .. قد نشعر بالدهشة من جودته العالية، لذا كان لابد أن يلقى هذا التيار الفني الجديد بعضاً من الاعتراضات والاتهامات بأنه خارج إطار الفنون، لكنه موجود ويتطوّر وتتسع دائرته، له محبوه ورواده، ومهما تعدد أوجهه وطرائقه لكنه لا يلغي تاريخ الفن التقليدي ولا يزيحه، خاصةّ وأنه في طور التكوين الأولي وليس بقدوره إلغاء تاريخ بأكمله.

 ريم جبيلي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار