العدد: 9460
الأحد: 3-11-2019
للتنمية أبواب متعددة تدخل حياة الأمم والدول على اختلاف بنيتها وأبنيتها، وطريقة وجودها وتواجدها، ويمكن الدخول للتنمية من أبواب اجتماعية واقتصادية وسياسية وغيرها، ولكن الوجود التنموي الأهم هو الوجود الثقافي. فالتنمية تعكس خبرة العالم في صور من التجارب المتعددة. بهذه المقدمة استهل الباحث حسين عجمية محاضرته التي حملت عنوان : الثقافة بوصفها تنويراً وذلك في مقر فرع اتحاد الكتاب العرب باللاذقية في مادتنا الآتية نسلط الضوء على أهم ما جاء فيها من محاور وأفكار..
بداية استعرض المحاضر النماذج التنموية في مجتمعات البلدان النامية بعد الحصول على استقلالها من القوى الاستعمارية الساعية لنهب ثروات الأمم ( النموذج الاشتراكي والنموذج الرأسمالي وطريقة الخلط المتداخل من العالمين) وتوجه النخب نحو تأسيس دول قومية وتجسيد وجودها بوعاء قانوني ودستوري مرتبط بعمليات التحديث والتنمية في هذه الدول ( آسيا وأفريقيا وأمريكيا) وأوضح عجمية أن التنمية المستدامة التي تتقاطع مع التنمية البشرية من خلال دخول الثقافة كعنصر فاعل في عملية التنمية، لأن الضرورة الثقافية للتنمية يمكنها تحقيق التكامل مع أساسيات التنمية من خلال تحديث البنية الفكرية، وتنقيتها من براثن الخرافة والتقولب والتطرف بتغيير النهج الثقافي الجامد. وأكد المحاضر أن السياسات الثقافية المرتبطة بالإبداع لتشكيل أخلاق جديدة مرتبطة بالعولمة، وظهور مؤشرات ثقافية يمكن من خلالها قياس إسهام الثقافة في تحسين الوجود الإنساني. وهذه المؤشرات يمكن أن تظهر من خلال إشاعة الحرية واحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير والتسامح والتعليم الثقافي وتأمين المشاركة الثقافية. أيضاً التنمية الثقافية للبشر تزيد من قدرتهم على المبادرة في اكتشاف ما هو مهم في عملية التنمية. فالمثقف هو القادر على صناعة حياته بنفسه، وهو القادر على بناء مجتمع قائم على الكفاية الإنتاجية وتأمين العيش الكريم للجميع. كما تلعب الثقافة كنظام للتخطيط العقلي والبرمجة العقلية تنطبع في عقول الأفراد والجماعات، وتتناقل عبر الزمن من أجل تشكيل هوية خاصة بهم يتميزون بها عن غيرهم مع التسليم بوجود عموميات ثقافية تشترك فيها جميع الشعوب. والوجود التنموي مرتبط بتحديث الأفكار والتصورات والمعتقدات، والمطلوب تحويل الثقافة إلى قوة دافعة للتغيير والانطلاق. فالثقافة وعاء الحياة الاجتماعية، والمجتمع موضوع التنمية الثقافية، والتنمية بكل مكوناتها هي المسؤولة عن الازدهار، وأهم ما يمكن التركز عليه هو رفع شأن المرأة في المجتمع لتكون العامل المكمل للتنمية الثقافية والاجتماعية. وشدد المحاضر عجمية في نهاية محاضرته على دور الدولة فالدولة الرشيدة هي التي تقوم بدور رئيس في إعادة الصياغة اللازمة لمجمل المفاهميم الثقافية وفق خطة شاملة ومتكاملة لإعادة بناء الوجود الاقتصادي والوجود الثقافي المرتبط به. إضافة إلى تطوير الثقافة المدنية التي تعمل على تغيير عقلية المجتمع بما يتناسب مع علاقة المواطنة الحقيقية من خلال فهم الحقوق والواجبات والتفاعل الاجتماعي.
رفيدة يونس أحمد