العدد: 9459
الخميس:31-10-2019
طفولتي بعيدة، وتبتعد
كنجم آفل جهات العدم، نداء نحيل مديد، يسافر عميقاً في المدي
ولا يعود
من دمي يسافر إلى دمي
وفي منتصف الرحيل
والليل الطويل
وفي أوج اللحظة
التي سقطت سهواً
من حسابات اللحظة
يمدُّ السؤال رأسه لجوجاً
كفكرة معجّلة
كعنق يناشد مقصلة:
هل من أوبة بعد كل ذاك الذهاب
وهل ثمة حضور وقد أوغل ضارياً في ضلوعنا
غول الغياب؟
خيط رفيع هي طفولتي،
نداء سفينة تغرق،
صوت متقطع كنداء أخير
صدىً وحنين، لم يبق منه
سوى رائحة الطين
الذي كنّا نصنعه آلهة تشبهنا
ورائحة أمّي..
صوت مديد حزين
متصل لازال بحبلي السّرّي
بين لهفتي وقيامة الشمس..
والأمس
كما الغد، كما الحاضر الذي يأتي
أو لا يأتي
ولن..
منشطر بين خيبتين قلبي
لا نَهارٌ يهبني موتاً لائقاً
ولا ليلٌ يهديني خصر امرأة
يشق لي شارعاً في مدينة
أو خاصرة قصيدة
أو بعض طريق ..!
دمي أخضر
من تبادل أنخاب الخوف
مع دموع الشجر
دمعي مالح، من تورط عينيّ في عشق البحر
من صداقة شفتيّ المزمنة للزّبد
صوتي ليس للبيع،
ولا حنجرتي صالحة لتكون قربة مثقوبة
أو لحناً نحيلاً على شفتي وتر..
لكنّ الكمنجات سرقته
في غفلة من حرّاس القمر
الرّيح لم تكن محايدة
ظلت تنفخ في أوردتي
حتى ولجت أوردتي
أقانيم جنونها
والضجر..!
في فيئ الصخرة المقدسة
موجتان تتعرّيان
كل غروب
تستحمّان في سدرة
الشفق الوردي
المنهمر سراباً وضباباً
أظافري
لازال بمقدورها خمش سرّة المساء
ولا زالت بأحسن حال
بها أحكُّ جلد الكلمات
أردُّ كيد البغاة
عن قصيدتي المعلّقة
على جدار السماء
أرجوحة
أو نبوءة
في مغبّة الخواء ..
بها حفرتُ
تحت وابل من ضوء القمر
اسم الفتاة
التي عشقتها
ورسمتها أيقونة
على جذوع الشجر ..
لثمت رضاب يديها
الذي طفح نبيذاً طيبا
من طيبات يديها
بعد أول تحرّش حميد
بين دم المغيب
وقرنفل خدّيها
أنثى المساءات المائلة للشهوة
وشامتها السمراء..
استعرتُ فمها
كي أبسمل باسمها للسّماء
علّ السّماء
تمنح تأشيرة مرور
تأشيرة عبور لعطرها
تلك المرأة الماطرة
مواعيد مؤجلة
قبلاً معجلة
واحتمالات مطر!
مخلوف مخلوف