العدد: 9452
الثلاثاء: 22-10-2019
ونظلّ على حالنا التي نحن عليها الآن كما كنّا سابقاً ولابدّ أننا إليها سائرون كما نحن الآن, أي أننا لا بدّ لنا من متابعة الحال كما هي حالنا التي أردناها واخترناها عنواناً أو نمطاً حياتياً أبدياً متلازماً مع بقائنا عبر السنين.
هو الأمر الذي مقدَّر لنا أن نكون وسيكون الأمر كما هو مقدَّر على المرء الذي استسلم لفكرة التسليم بأنّ الحياة ليست لنا ولا بنا وليست إلاّ مجرّد أيام تمرّ علينا كعاصفة تجتاحنا وتغزو أوقاتنا لتسلبنا بعض أفراحنا وبعض آمالنا التي تفتح لنا نوافذ جديدة نُطلّ منها على حدائق مليئة بالأزهار التي اختلفت ألوانها وتعدّدتْ روائح العطر والشذا لديها، فكانت الحدائق أكثر إدراكاً من بعضنا الذي نسي أنّ الأيّام مراح الجميع ومطرح لهم، ولكلٍّ الحق في أن يكون كما يريد أن يكون كونه كائن مكوِّن وليس بكائن مكوَّن.
ولن نكون بقادرين على أن نقدّم لأنفسنا قبل الآخرين شيئاً ما لم نكن مقتنعين كامل القناعة وتمامها أنّ الإنسان ما كان في يوم من الأيام مفرداً ولن يكون كذلك بل على العكس إنّه المثنى الذي يحمل معنى الزوج أي الثنائي الذي يُكمِل ويُكمِّل، حتى أنّه يعمل بكلّ ما أوتي من معرفة حقيقية لمعناه الوجودي في الوجود الحقيقي حيث الصورة الحقيقية والمثالية على الحق الأمثل والأكمل وحيث الشكل الأجمل.
إنّ الإنسان الذي أدرك ثنائيته التي تجعله كما أُريد له أن يكون من مبدع الكون وراسم الصورة الشكلية لابدّ سيسعى إلى ترجمة هذا الوعي وهذا الإدراك القائم على ترجمة المعرفة إلى سلوك يحمل رسالة ذات مضامين عدّة لعلّ أهمها أن يعمل المرء على إسعاد الآخر بكل الوسائل المتاحة وكذلك أن يعرّفه المعرفة الحقيقية أنّ الآخر هو هدف النفس التي تصالحتْ وتوازنتْ فكانت الحاملة للرسالة الهدف حيث أفسحتِ المجال لزرع مفهوم التسامح الذي هو بمثابة مفتاح القلوب النقية والأنفس البريئة التي عادت إلى فطرتها الأولى حيث حبّ الخير والحق والجمال.
وإنّي أسألكم ونفسي معكم: هل منْ شخصٍ يكره الحق والخير والجمال ويكره أن يرى الآخر سعيداً بما رأى من سعادة وفرح أو ابتسام على وجه الآخر؟ ولعلّ المقولة التي تطرح نفسها على الجميع: إذا كان هذا الأمر هو ما كان وما نسعى إلى أن يكون فما الأمر الذي بمقدورنا أن نراه من كل كذلك ليكون بعض الذي…
نعيم علي ميّا