التغير الثقافي وآثاره ضرورة تفرضها المفرزات المجتمعية

العدد: 9449

الخميس :17-10-2019

تأثّر الحراك الثقافي الأدبي والعلمي والفكري خلال السنوات القليلة الماضية بالظروف الاستثنائية التي مرّ بها وطننا الغالي، كما كان لدخول عوالم العولمة والانفتاح العالمي على الآخر بكل انتماءاته وثقافاته وحضاراته أثره الكبير في إحداث تغييرات جذرية إلى حدّ ما في مسيرة الثقافة المحلية والعربية.
وطرأت تحديثات وتطويرات وتغييرات شملت مختلف مجالات العمل الثقافي، الذي يعدّ خزاناً معرفياً يستوعب الإرث الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ويهيئ لهم، طالما لا يمكن توريثه اجتماعياً بل يبقى قابلاً للاستيعاب والفهم والقبول.
وبما أن الثقافة وجه المجتمع ومرآته العاكسة وتسهم في تكوين أفراده ومعارفهم وتوسيع مداركهم والحفاظ على معتقداتهم ومبادئهم الراسخة وعدم المساس بها، كان لزاماً على القائمين عليها الاضطلاع بمسؤولياتهم والمهام الملقاة على عاتقهم فهم يمثّلون قادة الرأي في مجتمعاتهم، يوجّهون ويغيرون ويتواصلون ووو…
ولا شكّ أن أيّ تغيير ثقافي سيطال مختلف مناحي الحياة وينعكس عليها، وهنا قد يتقبّل الآخر هذا التبدّل أو لا يتقبّله، وتختلف درجة التقبّل سلباً وإيجاباً، وردود الفعل تجاهها .
ولا يختلف اثنان على الفارق الكبير بين الموروث الاجتماعي من عادات وتقاليد وأعراف وبين التطور التكنولوجي الهائل الحاصل حالياً، والفجوة الكبيرة والعميقة بينهما وضرورة تقليصها بما يواكب أحدث وآخر التطورات، دون إحداث تغيير جذري يلغي موروثنا وانتماءاتنا وثقافتنا.
إضافة إلى التطور التكنولوجي المتسارع هناك عوامل الفروق الفردية والجمعية بين الريف والمدينة، وتوافر مقومات انتشار الثقافة وبالتالي إحداث التغيير اللازم فيها، بما يتناسب والظروف البيئية المحيطة والتوزع الديموغرافي للسكان وما يفرزه من فروقات بعضها واضح وبعضها الآخر مخفي.
وأيّ أزمة يمرّ بها أيّ بلد لابدّ ستفرز ما يسمّى بثقافة الأزمة، تواكب تطوراتها وتفاعلاتها وأحداثها، يتصدى لها أدباء ومفكرو ومثقفو المجتمع، يتسلّحون بفكرهم ومعارفهم ومخزونهم المعرفي والعلمي، فيما نجد البعض الآخر وقد آثر على نفسه الانكفاء والانطواء والعزلة، يترقّب الأحداث من بعيد، بانتظار النهايات، ليحدد وجهته الجديدة، وأمثالهم من رماديي هذا العصر، كُشفت أقنعتهم وأظهرت خباياهم، وأمثالهم لا يفيدون أوطانهم بشيء ولا يقدمون ولا يؤخرون.
تبقى الثقافة وجه حضارة أيّ بلد، وتغيير أنماطها وعوامل استمرارها وثباتها وبقائها، لابد سينعكس على مناحي الحياة والمجتمع كافة، ويحتّم علينا التزوّد بما يحافظ عليها وينمّيها ويرسّخها، والتسلّح بأدوات الدفاع عنها وحمايتها.

ريم جبيلي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار