العدد: 9445
الأحد-13-10-2019
لا يختلف اثنان على تفرّد الفنان حسن حلبي ابن اللاذقية في مجالات الفن التشكيلي والتطبيقي، لتمر تجاربه الفنية بمراحل متنوعة لم يسبقه إليها أحد، دافعه الأول شغفه الفني بمراحل لدرجة الهوس، فينام على فكرة، ليستيقظ على أخرى، ويسرح بخياله ليترجم أعمالاً لا تشبه غيرها، لينجز كلَّ يوم عملاً فنياً على مدى عقود لم يتوقف الفنان حلبي عن عشقه للفن، فبداياته كانت مع التشكيل المائي والزيتي في أوائل السبعينات، انتقل بعدها إلى اللوحة التشكيلية النحاسية ويستمر في مغامرات جديدة ليصل عالم النحت ويبرع فيه أيضاَ، مؤخراً كانت له تجارب لتصميم وتنفيذ ديكورات مسرحية، للفنان معارض عديدة جماعية وفردية داخلية وخارجية في لبنان وفرنسا وإسبانيا، أمّا أعماله فموّزعة في سورية، تركيا، لبنان، فرنسا، الأردن، إسبانيا، اليمن، أميركا، روسيا، والإمارات، عن تجربته وإبداعاته كان لنا معه اللقاء الآتي:
* أنت مثال حيّ ونموذجي لتطور تجارب الفنان لدرجة المغامرة فهل ترى هذا التغيير الجريء صحيحاَ وهل يمكن لأي فنان دخول معتركه؟
من وجهة نظري أرى أن هذا التنوع هو الحالة السليمة والطبيعية التي يجب أن تكون عند كل فنان من أجل الارتقاء للأفضل سواء للفنان أو لتجربته، ومن المؤكد أن لكل فنّان وزنات، قد لا يكون كل فنّان قادراً على ما أقوم به أنا على وجه التحديد ولكن بالنسبة على وجه لي الفن شغفي أنام وأنا أحلم بأفكار فنية وأستيقظ وأنا أفكر بها، تجاربي على مدى 40 عاماَ مرّت بمراحل مختلفة لا تشبه بعضها ولكن الفنّ ما يوحدها ويؤطرها، الفنّ لا يمكن أن يكون له حدود، وهذا ما أحاول التعبير عنه سواء من بداياتي مع التشكيل المائي والزيتي ومن ثم الغرافيك والضغط على النحاسيات و روليف نحاسيات ومن ثم تطوير التجربة للوصول إلى النحت على الخشب والحجر، لكل تجربة طعمها ونكهتها الإبداعية، التي وثقتُ بها وفي وقتها فحاولتُ أن أكون فناناً حقيقياَ يترك بصمة أو أثراً لا يمحى من ذاكرة المتلقي، كنت أختار أن أخوض بجهد وجرأة ومغامرة.
* كيف كنت تقوم بكل هذا التغيير والتطوير بتجاربك بغياب نقد متخصص، أو بمعنى آخر ما الأسباب وراء تطويرك لذاتك الفنية؟
كفنان تشكيلي عندي حالة بحث دائم، وكما ذكرت من قبل هي حالة سليمة وطبيعية أن يكون الفنان في حالة بحث دائم، فالفن والفنان يحتاجان هذا التنوع، وليس الاعتماد على مدرسة واحدة، وتلعب ثقافة الفنان الفنيّة والحالة العامة المعرفية الثقافية دوراً هاماً أيضاً وفيما عدا الثقافة يحتاج الفنان إلى جرأة لخوض مغامرة فنية جديدة.
* أين ترى نفسك قد وصلت اليوم بعد أربعة عقود فنية؟ وفي أي تجربة فنية تجد نفسك أكثر؟
لم أصل لغاية اليوم، ولا أزال مستمراً بالبحث ولن أتوقف عن البحث الدائم فيما يخصّ سياق العمل الفني إن كان نحتاً أو تشكيلاً فالبحث كان محرك التطور في تجاربي جميعها، البحث من خلال تطوير ذاتي، البحث في معارضي الخارجية ومن خلال أسفاري، إضافة إلى المعارض في سورية وثقافة سورية وغناها الهائل وأعطي ثقافة أوغاريت هنا كمثال فمن أوغاريت يبدأ البحث ولا ينتهي، والثقافة الالكترونية مجالات البحث كثيرة لكل فنان يريد أن يطوّر نفسه وفنه إن هو أراد ذلك ولكن للأسف قلة قليلة من الفنانين عندها حب البحث والتعلّم وتطوير الذات كل فترة كنت أجد نفسي فيها، ولكن اليوم وبصراحة أرى نفسي في الأعمال النحتية وخاصة الخشبية.
عالم النحت عالم جميل وبرّاق، والنحات يمكن أن يكون مصوراً بارعاً ولا أستغرب أن أنتقل مستقبلاً إلى عالم التصوير الذي يستهويني أيضاً وطالما لا أزال أبحث سأرى نفسي في مجالات جديدة مستقبلاً، في البحث حرّية وفي الحرية إبداع وولادة لمقدرات استثنائية سرّية حتى صاحبها لا يمكن أن يدركها وقد تنبع فجأة.
* كيف ترى واقع الفن السوري عامة وواقع الفن في اللاذقية خاصة؟
حالياً التشكيل في سورية رغم الحرب والأزمة في حالة جيدة، وتطوّره جيد رغم كل ظروف البلد، من هجرة البعض وتوقف البعض، ولكن مع كل ذلك هناك معارض ونشاطات موسيقية ومسرحية وخاصة في اللاذقية التي أرها أنشط محافظات سورية فنياً، ولكن لا أنكر أن هناك من يدّعي الفن، وهناك فنانون الأنا عندهم كبيرة جداً.
* ماذا عن مشاريعك المستقبلية وخاصة أنك دخلت عالم تصميم وتنفيذ الديكورات؟
أيضاً الديكور عالم رأيت نفسي فيه، بسبب حالة البحث الدائمة التي أعيشها ومستعد لعمل ديكورات أي مسلسلات إذا طلب منّي ذلك، أحببت تجربة الديكور كثيراً لأن فيها تنوعاً وغنى وبالنتيجة لا أرى في المسرح فصلاً عن التشكيل ولا حتى في الموسيقا فصلاً عن التشكيل، كله مترابط مع بعضه وبقوة ليشكل لوحة تشكيلية بصرية وحركية، بالنسبة لمشاريعي هناك قضايا كثيرة تشغل فكري، وعندي ماكيتات نحتية لساحات عامّة بانتظار الجهات الممولة لكي يتم تنفيذها، أحلام كثيرة تراودني وكثير منها كما ذكرت منفذ على ماكيتات، وهناك فكرة حلم لنصب تذكاري لمدخل مدينة اللاذقية كنت قد نفذتها كنحت خشبي في فرنسا بارتفاع 160 سم ونفذته مرة ثانية خشبياً بحجم أصغر، وموجود حالياً في نقابة المهندسين ولكن إذا نُفذ هذا المشروع لمدخل مدينة اللاذقية سيكون من الباطون، وأجزم أنه سيكون العمل الوحيد في الوطن العربي هو المشروع الحلم إذا تحقق؟ وبانتظار التمويل هو التمويل الذي يضع حداً لتنفيذ مشاريع وأحلام كثيرة ولو وجد الدعم المادي لنفذت كل يوم عملاً، لا حدود لمخيلتي الفنيّة هي بحر لا ينضب.
مهى الشريقي