في محاضرة ثقــــــافية فكرية عبد الله بن المقفع وكتابه الخالد كليلة ودمنة

العدد: 9445 

 الأحد-13-10-2019

 

شهد القرنان الثاني والثالث الهجريان اهتماماً منقطع النظير أولته الأمة الإسلامية للحركة العلمية والفكرية، وإذا كانت بواكير هذا الاهتمام قد حدثت في الدولة الأموية، فإنه يمكن القول بحق إن دولة بني العباس ولاسيما في القرن الأول من عمرها قد تفوقت في هذا المضمار بهذه المقدمة استهل الدكتور الأديب عدنان بيلونة محاضرته التي حملت عنوان: (عبد الله بن المقفع وكتابه الخالد كليلة ودمنة) وذلك في صالة الجولان بمقر فرع اتحاد الكتاب.
في مادتنا الآتية نسلط الضوء على أهم ما جاء فيها من محاور وأفكار ومعلومات أغنت موضوع المحاضرة.
بداية تحدّث الأستاذ عدنان عن عبد الله بن المقفع والده (داذويه) فارسي الأصل، وابن المقفع لم يكن مجرد مترجم وحسب، بل كان أديباً فذاً ومفكراً عبقرياً ومصلحاً اجتماعياً وسياسياً ترك بصماته التي لا تمحى في تاريخ الأدبين العربي والفارسي، ولد سنة 724م/ 106هـ في قرية بفارس اسمها جور ثم رحل إلى البصرة وخالط الأعراب فحصل على القسط الوافر من مملكة العربية وكان ناضج العقل، غزير المعارف، حسن الأدب، كريم الطبع سخياً، صاحب نجدة وعزة ومروءة، وفيّ وحسن العشرة والصحبة، جاد ومخلص في عمله، ومحافظ على شعائره ومبادئه، كثير الاعتماد على التجربة والعقل وبعيد عن الخيال والتصور، ويتقن اللغتين العربية والفارسية، ومثقفاً موسوعياً ضليعاً في أدب العرب والفرس، وكان ذكي الفؤاد، فصيح المنطق، ومقدماً في بلاغة اللسان والقلم والترجمة واختراع المعاني وابتداع السير.
أهم كتبه: (خدا نيامه- آلين نامه- التاج في سيرة أنوشروان- نامه تنسر- الأدب الصغير- الأدب الكبير- كليلة ودمنة) الذي حاز على شهرة واسعة لما له من قيمة أدبية وتاريخية فقد كانت ترجمة ابن المقفع له الأساس الذي بنيت عليه الترجمات الأخرى باللغات الفارسية الحديثة واليونانية والعربية واللاتينية والإسبانية، وهو كتاب وُضع على ألسنة البهائم والطير حوى تعاليم أخلاقية موجهة أولاً إلى الحكام، وقد سمي باسم أخوين من بنات أوى (كليلة ودمنة).
بعض المؤرخين يؤكد أن ابن المقفع وضع هذا الكتاب وادعى أنه ترجمه ليبعد عنه تبعة ما فيه من تعاليم للملوك وذوي الأمر.
أصل الكتاب هندي مكتوب باللغة السنسكريتية، وعلى الأغلب أن ابن المقفع لم يكتف بالترجمة بل زاد بعض الأبواب كباب عرض الكتاب وهو لم يتقيد بالحرف بل زاد وبدل ليأتي الكتاب على ما يريد من الإصلاح والموافقة العقلية الجديدة والأذواق العربية الإسلامية، وليعمل الكتاب في الخلفاء والرعية ما فعله في الهند وفارس.
قصص الكتاب أدبية فيها من المعاني الإنسانية واللقطات الفلسفية والمثل الأخلاقية والقيم الوجدانية العالية ما يجعلها من الآثار الخالدة لا تقل في موضوعاتها وعمق معانيها عن آثار عباقرة الغرب، وقد بلغ أسلوبه الأدبي الغاية من حيث الوضوح والجزالة والليونة وإرسال الكلام كالنهر الجاري، ينشر الحكمة هنا والمعرفة هناك، والمثل الرائع هنالك في أسهل لفظ وأجمل أسلوب وأنبل معنى وأدق تركيب، وختم المحاضر محاضرته مستعرضاً بعض الحكم والأقوال المأثورة من الكتاب المذكور.

رفيدة يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار