الوحدة :8-9-2024
معركة “طوفان الأقصى” وتداعياتها لا شك ستؤدي إلى إعادة تشكيل “الكيان الصهيوني” لسنوات قادمة، فما يدّعي أنه حققه منذ احتلاله لفلسطين يعترف بأنه قد اختفى في لمح البصر بعد معركة “طوفان الأقصى”، التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وفق صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
واعترفت الصحيفة أنّ “طوفان الأقصى” حطّم فكرة أن الحصار الإسرائيلي لغزة واحتلال الضفة الغربية يمكن أن يستمرا إلى أجل غير مسمّى دون تداعيات كبيرة على الصهاينة، حيث أدى هجوم السابع من أكتوبر إلى إعادة النظر في الذات لدى اليسار الإسرائيلي، مما قوض الإيمان بمستقبل مشترك مع الفلسطينيين، كما خلق أزمة ثقة في اليمين الإسرائيلي، ورسّخ الانقسامات الدينية والسياسية.
وكما أدت إخفاقات الكيان الصهيوني في حرب 1973 إلى قلب حياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية… رأساً على عقب في نهاية المطاف، فمن المتوقع أن يؤدي هجوم السابع من أكتوبر وتوابعه إلى إعادة تشكيل الكيان لسنوات قادمة.
وقد أدى الهجوم إلى انهيار إحساس الصهاينة بالأمن وهزّ ثقتهم في قادتهم.
“في 7 أكتوبر، أثبتت “إسرائيل” عدم قدرتها على توفير الأمن.. في تلك اللحظة، شعرت هويتنا الإسرائيلية بأنها محطمة للغاية”، هذا ما قالته دوريت رابينيان، الروائية الإسرائيلية، وأضافت: “شعرت وكأن 75 عاماً من السيادة الإسرائيلية قد اختفت”.
يأتي الغضب أيضاً من حقيقة أن نتنياهو أشرف على اتساع الخلافات العميقة في المجتمع الإسرائيلي والخطاب العام ما زاد النقمة الداخلية عليه ووسّع رقعة التناقضات داخل صفوف الكيان.
أيضاً لم يستطع الكيان سوى أن يجد في هجوم طوفان الأقصى أول كسر ضلع حقيقي لقوته الفائقة وسيطرته المطلقة، الجيش الذي أعد ليفوق جيوش دول المنطقة بمجموعها عتاداً وهيمنة، حسب ادّعاءاته، تم استهدافه من قبل عدد قليل من المقاتلين، وأصيب بجرح عميق دامٍ في خاصرته.
الدولة الوهمية التي أقنعت الجميع بأن الاستسلام لها هو الحل الوحيد للتعايش بجانبها، جاء من أخذها على حين غرّة ووضع قدمه على رؤوس ضباطها وجنودها، بكل ما تحمل هذه الصورة من معان ورموز! وهذا ما دفعهم إلى الجنون، بكل معنى الكلمة، وارتكاب أشنع المجازر بحق الفلسطينيين الآمنين العزّل، واضطرهم إلى أن ينزعوا عن وجههم قناع الضحية وقناع التحضر، ليظهروا وكأنهم حقاً وحش دموي كاسر، وليس ما ادّعوه وتلطّوا وراءه، من انتهاكات إنسانية وأخلاقية قام بها منفذو الهجوم، وذلك لأن أول ما هدف له الكيان هو استعادة هيبته كدولة مسيطرة لا أحد يجرؤ على مواجهتها، وكجيش لا يقهر في أي معركة! هذه الأسطورة التي تلاشت وتحطمت وتهشّمت وانكسرت إلى الأبد..
الكيان الصهيوني الذي يدّعي الانتصارات في حروب خاطفة يدخل هذه المرة في حرب طويلة لم تنجح في تحقيق أي من أهدافها، وهي على مقربة من الذكرى السنوية الأولى لها.
الصورة التي تعوّل عليها الدعاية الصهيونية، ليس لتجذب مزيداً من اليهود إليها، فحسب، بل لتبقيهم فيها، أن تكون في حالة حرب واستنفار ونزيف أرواح ودماء كل هذا الزمن! حرب، لم تسعف اللغة التوراتية قادتهم في أن يختاروا اسماً لها سوى (السيوف الحديدية)، فاضحين رغبتهم المجنونة بالانتقام، وكاشفين أي نوع من القتلة تحولوا إليه ضحايا البارحة!
وإذا كانت 2023، باعترافهم أسوأ سنة مرت عليهم، فإن القادم بالتأكيد سيكون أسوأ منها، إذ سيحمل كل يهودي في العالم، وصمة العار تلك.. الأمر الذي دفع بكثير منهم، ومن مشاهيرهم وشخصياتهم العامة، إلى إعلان براءتهم منها، ورفضهم الصريح لها.
“طوفان الأقصى” سيجرف كل الأكاذيب والادعاءات والترّهات الصهيونية ويذهب بها إلى مزبلة التاريخ.
ريم جبيلي