رقــم العــدد 9444
الخميس 10 تشرين الأول 2019
أثناء المراقبة الدورية للمراقبين من دائرة الآثار بجبلة تم الكشف عن أربعة مدافن جماعية أثرية محفورة ضمن الصخر في المنطقة الغربية لحي الجبيبات إضافة إلى لقى أثرية متنوعة وذلك خلال القيام بأعمال حفر أساسات لإحدى الأبنية السكنية الواقعة في منطقة الجبيبات الغربية والتي يُعرف عنها بأنها منطقة مدافن.
للاطلاع على المكتشفات الأثرية الجديدة جريدة الوحدة تابعت أعمال دائرة الآثار بجبلة في منطقة المدافن المكتشفة والتقت الدكتور مسعود بدوي رئيس الدائرة والذي أوضح لنا قائلاً :
تم الكشف عن عدد من التوابيت الفخارية المتكسرة والقطع الأثرية من السُّرج الفخارية التي تعود إلى العصر الروماني والقوارير الفخارية المخصصة للعطور والخواتم البرونزية ومرآة برونزية والقوارير الزجاجية والخرزات المصنوعة من عجينة الزجاج إضافة لبعض النقود البرونزية التي تعود للعصر الروماني.
كما تم العثور على قبضة جرة فخارية تعود للعصر الهيلنستي مصدرها جزيرة رودوس عليها طبعة ختم عليه كتابة باللغة اليونانية.
وأوضح الدكتور مسعود أن المدافن التي تم اكتشافها تعد مدافن جماعية بسيطة خالية من الزخارف ولكل مدفن مسقط خاص به مختلف عن الآخر سواء من ناحية عدد المعازب (أماكن وضع المتوفي) أو من ناحية مداخل هذه المدافن ولها نمطان مختلفان إما على شكل بئر أو على شكل درج والمدخل يؤدي إلى البهو الذي تتوزع حوله المعازب.
وبيّن الدكتور مسعود أنه في العصر الهيلنستي – القرن الثاني قبل الميلاد – كان المتوفي يوضع إما ضمن كفن ويغلق عليه في المعزب ببلاطة حجرية أو بالطين وإما ضمن تابوت من الفخار المصنع على شكل بشري.
كما نوه الدكتور مسعود بأن الاكتشافات الحالية هي استمرار لأعمال البحث والاكتشافات السابقة ضمن منطقة الجبيبات الغربية، مشيراً إلى أن اللقى الأثرية المكتشفة متنوعة في كل مرة و الجديد حالياً هو اكتشاف مرآة برونزية وأنماط جديدة من الخواتم وبأشكال مساقط المدافن بتوزع المعازب حول بهو المدفن منها وجود معزب غير مكتمل الحفر.
وذكر د. مسعود أنه خلال الفترة الرومانية تم استغلال كامل الكتل الصخرية بمنطقة الجبيبات للدفن، وفي هذا السياق رأى الدكتور مسعود بأن أهالي مدينة جبلة كانوا يعتقدون بأن هذه المدافن عبارة عن جباب باللهجة المحلية ومن هنا جاءت تسمية الحبيبات أي من اسم جب ( بئر).
وأكد الدكتور مسعود أن منطقة مدافن الجبيبات تؤرخ للعصرين الهيلينستي والروماني وليس للعصر الفينيقي كما هو شائع بين عامة الناس.
كما ذكر الدكتور بدوي أنه في أعمال الحفريات السابقة تم الكشف عن مجموعة كبيرة ومتنوعة من اللقى الأثرية مثل السُّرج والقوارير والجرار والطاسات الفخارية مما يؤكد على الغنى والتنوع الحضاري بمنطقة جبلة إذ إن غالبيتها تعود إلى بعض دول حوض البحر الأبيض المتوسط من رودوس وجزر بحر إيجة وقبرص وإيطاليا ومن تونس ومصر وهذا يدل على النشاط التجاري الكبير لميناء جبلة آنذاك وعلى وجود علاقات تجارية بين مدينة وسهل جبلة مع دول البحر الأبيض المتوسط حيث كان يتم استيراد هذه القطع من أجل الاستخدام اليومي وبالمقابل كان يتم تصدير بعض المنتجات من مدينة وسهل جبلة لهذه الدول ومثال ذلك وجود بعض الجرار الفخارية الأثرية المصنوعة في سهل جبلة في مصر هذا مما يدل على الانفتاح الحضاري الكبير لمدينة وسهل جبلة والتبادل التجاري المهم مع دول البحر الأبيض المتوسط.
من الجدير ذكره أخيراً أنه من أهم الاكتشافات القديمة في منطقة مدافن الجبيبات بمدينة جبلة العثور على مكتشفات تعود لعصر الحديد الثاني والثالث (القرن الثامن – الخامس قبل الميلاد) مثل دمية (للربة عشتار) والتي تعود للقرن الخامس قبل الميلاد وختم مؤابي ملكي كان محفوظاً ضمن قلادة نقش عليه اسم (الإله كاموش) ويعود لنهاية القرن الثامن وبداية القرن السابع قبل الميلاد وذلك ضمن قبر يعود للعصر الهلينستي وهي من الأختام النادرة حسبما ذكر لنا الدكتور مسعود.
ازدهار علي