العدد: 9443
الأربعاء:9-10-2019
باتت وسائل النقل العشوائية حلاً رائجاً ومقبولاً للكثير من الأسر التي تتجاهل مخاطرها، ففي ظلّ عدم وجود بدائل وغياب دور الجهات المعنية عن تنظيمها لتصبح أكثر أماناً ومراعاة للسلامة العامة، يتكرر مشهد وسائل النقل التي يتكدس فيها أطفالنا وتتحوّل من خلالها مداخل المدارس الحكوميّة والخاصة ورياض الأطفال إلى ما يشبه موقفاً عشوائيّاً للسيارات التي تقلّ التلاميذ من وإلى مدارسهم ودور حضانتهم، وعدا عن الفوضى المرورية والازدحام الخانق أحياناً لبعض الطرقات والشوارع، فإن مثل هذه الوسائل تفتقر إلى أبسط مقومات السلامة العامة للتلاميذ والمارة على السواء، وكثيرة هي الحوادث التي نسمع عنها ونراها أمام أعيننا في ظل عدم المبالاة من عدة جهات مسؤولة وبشكل مباشر عن سلامة أطفالنا ورعايتهم ابتداء من الأهل مروراً بالسائقين ومرافقيهم وانتهاء بالكادر التربوي للمدارس الخاصة والعامة وكذلك المشرفين على دور الحضانة بمراحلها المختلفة، وانطلاقاً من أهمية سلامة الأطفال وضرورة توفير السبل الكفيلة بتأمين حمايتهم أجرت (الوحدة) الاستطلاع الآتي للوقوف على أهم الآراء والمقترحات للوصول إلى الغاية المرجوة وهي ضمان رحلة آمنة لتلامذتنا وأطفالنا خلال مشوارهم إلى مدارسهم ودور حضانتهم، فكانت اللقاءات الآتية:
* السيدة نهال، موظفة قالت: ما من حلّ آخر لتأمين ذهاب وعودة أطفالي الثلاثة إلى مدرستهم غير التعاقد مع سائق سيارة تاكسي عمومية، فنحن لا نملك سيّارة، ومدرستهم تبعد مسافة لا بأس بها عن البيت ولا يمكن أن يذهبوا إليها سيراً على الأقدام، كما أنني أخشى من ركوبهم في المواصلات العامة، لذلك اخترت الاشتراك بإحدى السيارات مع زملاء لهم في المدرسة ذاتها فهذا أفضل الحلول، صحيح أنهم يعانون من كثرة العدد داخل السيارة ولكن هذا الأمر يخفف عنا بعض النفقات التي كانت ستزداد فيما لو تم التعاقد مع السائق لأجلهم فقط، وطبعاً لا نتحدث هنا عن المخاطر والتجاوزات التي نلاحظها بشكل يومي إلا أننا نحاول توعية أطفالنا ليتحملوا مسؤولية سلامتهم والانتباه للأصغر سناً والقيام بالتصرفات السليمة داخل السيارة وخارجها.
* السيد هشام، مهندس قال: نتيجة طبيعة عملنا غالباً ما ندع مهمة توصيل أطفالنا إلى وسائل النقل المدرسية، بالإضافة إلى الثقة الكبيرة بالمدارس الخاصة والتي تكون رسومها عالية حيث يتوقع منها خدمات عالية ولكن للأسف نراها أحياناً خالية حتى من القيم التربوية وتنظر إلى الربح في المقام الأول من دون الالتفات إلى القيم الأساسية، فبعض المدارس ودور الحضانة الخاصة تتغاضى عن جوانب مهمة في المحافظة على الأطفال من أجل الربح رغم أن تلك المدارس تحدد مبالغ عالية جداً للرسوم المدرسية أو للنقل المدرسي والذي غالباً ما يتم من خلال سرافيس عامة يتم التعاقد معها أو وسائل نقل تابعة للمؤسسة التعليمية لكنها تفتقر إلى أبسط مقومات الأمان بالنسبة لأطفالنا.
* السيدة ايمان، موظفة قالت: غالباً ما يتم نقل الأطفال حسب مكان السكن وذلك تسهيلاً للسائق وهذا ما يفرض على أطفالنا وهم بأعمار صغيرة قطع مسافات طويلة حتى يصلوا إلى منازلهم وغالباً ما يصل الطفل الصغير منهكاً وتقل حركته في المنزل، أو في الروضة كما يعاني من ضعف التركيز نتيجة الوقت الطويل الذي يقضيه في وسيلة النقل الخاصة بالروضة، وإذا تكلمنا عن إجراءات السلامة فيها فالقائمة تطول، ابتداء من العدد الكبير للأطفال وصولاً إلى افتقارها إلى أبسط إجراءات السلامة – كفتح باب الباص أثناء السير طلباً للتهوية وكذلك الوقوف بطريقة خاطئة – وغيرها من المخالفات الكثيرة لقواعد السير والسلامة العامة.
* السيد ماهر، مدير مدرسة قال: إن أي ولي أمر بطبيعة الأمر يخاف على أبنائه ويسعى لتوفير كافة سبل الأمان عند مغادرتهم المنزل، موضحاً أن الأمان في وسائل النقل المدرسية ليس كافياً، إذ يجب أن تكون هنالك مواصفات خاصة بها غير الإشارات الخارجية، وأن يتم الإشراف بطريقة أفضل على عملية صعود ونزول الأطفال، وكذلك العمل على تعزيز وترسيخ ثقافة الأمن والسلامة وأقترح بأن يتم نشر ثقافة توعوية بإجراءات السلامة بطريقة محببة للأطفال.
بقي للقول: بعد مراجعة الأنظمة السائدة في العديد من الدول العالمية لشروط السلامة العامة لنقل الأطفال يمكن القول أن الكثير منها تشدد على ضرورة تمييز الباص المدرسي مع توضيح خط السير، وضرورة أن يكون السائق قادراً على مراقبة الوضع داخل الباص بالكامل، وضرورة ألا يفوق عدد الطلاب في الباص عدد مقاعده، وألا تزيد سرعة الباص عن 50 كم/سا، وضـرورة وضع لوحات تبيـن المحظـورات في أثناء الرحلة (منع الوقوف على السلم الداخلي للباص، منع التحدث مع السائق في أثناء السير…) وهنا يتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي: كم من هذه الإجراءات الخاصة بسلامة أطفالنا تطبق في مدارسنا ودور الحضانات وكذلك حتى في الحالات الخاصة من طرق نقل أطفالنا سواء من قبل الأسرة أو من خلال التعاقد مع سائقين لسيارات عامة؟ وهل تسعفنا هذه السطور في لفت انتباه أجهزة الرقابة المعنية بتكثيف الجهود بشكل يساهم في جعل نقل أطفالنا إلى مدارسهم وروضاتهم أكثر أمناً وسهولة؟
فدوى مقوص