العـــــدد 9440
الأحــــد 6 تشرين الأول 2019
هذا هو العنوان الذي اختارته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الصادرة في 30 كانون الأول عام 1973 كعنوان للمقالة التي تحدثت فيها عن آثار حرب تشرين التحريرية على كيان الاحتلال الإسرائيلي، وتحدثت الصحيفة حول التغيرات التي أصابت إسرائيل، حيث أن الخسارة جعلت من حزب العمل الإسرائيلي والذي كان يسيطر على الانتخابات والحكومة منذ إعلان قيام الكيان المحتل بات يفكر في كيفية تجنب الخسارة وكيف أصبح مضطراً للتفكير في التحالف مع أحزاب أخرى بغية بقائه في رئاسة الحكومة فلأول مرة في تاريخ الكيان المحتل أي منذ 25 عاماً يكون العدو الصهيوني في مثل هذا الموقف الضعيف والدفاعي، أما الموقع المهتم بقضايا الشرق الأوسط ( MiddLe East Monitor) فذكر أنه في يوم السادس من تشرين شنت القوات المصرية والسورية حملة عسكرية لتحرير شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان، التي احتلت قبل ست سنوات خلال حرب الأيام الستة، حيث تم الهجوم على جبهتين فعبرت القوات المصرية قناة السويس وحررت الأراضي في سيناء بينما على الجانب الشرقي هاجمت القوات السورية القوات الإسرائيلية في الجولان، وقد تمكنت القوات المصرية والسورية من تحقيق مكاسب إقليمية كبيرة وألحقت أضراراً كبيرة بالجيش الإسرائيلي خلال المرحلة الأولى من الحرب وأصبح الوضع حرجاً بالنسبة للإسرائيليين حيث تم إسقاط عشرات الطائرات المقاتلة وتدمير مئات الدبابات، ومع بدء الذعر حشد قادة الاحتلال حوالي ربع مليون من جنود الاحتياط لوقف التقدم السوري والمصري، ورغم كل ذلك ومع تسارع الوقت أصبحت الصورة واضحة وباتت الهزيمة الكبرى لإسرائيل قريبة جداً وهنا سارعت الولايات المتحدة إلى فتح جسر جوي وبحري مع كيان الاحتلال لوقف هذا الهجوم الكاسح حيث وافقت على 202 مليار دولار أمريكي (حوالي الـ150% من الإنفاق العسكري لقوات الاحتلال عن عام 1972 كاملاً) كمساعدات عسكرية فورية، وهنا نشير إلى الوثيقة السرية ( الوثيقة رقم (63) تاريخ 23 تشرين أول 1973) للمحادثات التي جرت في وزارة الخارجية الأمريكية والتي رفعت السرية عنها عام 2003 والتي تحدثت عن اجتماع عقد في وزارة الخارجية الأمريكية وقال فيه هنري كسنجر وزير الخارجية الأمريكية آنذاك: لم نستطع تحمل الهزيمة الإسرائيلية.
فحرب السادس من تشرين والتي استمرت 19 يوماً فقط كان لها تأثير كبير في جميع أنحاء العالم، ولأول مرة في التاريخ كان النفط يستخدم للضغط على الحكومات الغربية ضد دعمها لإسرائيل، حيث قاطعت الدول المنتجة للنفط في المنطقة الولايات المتحدة وغيرها من الداعمين الغربيين لإسرائيل ونتيجة لذلك ارتفع سعر النفط بنسبة 400 في المائة من 3 دولارات للبرميل إلى 12 دولاراً، ويقال إن الارتفاع الهائل في تكلفة الطاقة وتكلفة هذه الحرب قد كلف حتى النصر الانتخابي لحزب المحافظين البريطاني في عام 1974، كما أن حرب تشرين كلفت إسرائيل خسائر في قتلى جنود الاحتلال رفعت معدل الوفيات في الكيان المحتل لتلك الفترة ليبلغ حوالي ثلاثة أضعاف معدل وفيات الأميركيين خلال الفترة التي شهدت حرب فيتنام والتي استمرت عشر سنوات، ولكن الاحتلال دفع هذه الكلفة في أقل من ثلاثة أسابيع.
واليوم وبعد أكثر من 45 عاماً على حرب تشرين التحريرية نعود لنتذكر هذه الحرب وما أحدثته من تغيرات على مستوى المنطقة، وما الحرب التي تشنّ علينا حالياً وإن اختلفت أدواتها وأشكالها ما هي إلا محاولة جديدة لتبديل واقع المنطقة وإخراج سورية من معادلة المقاومة والتي لطالما كانت سورية أساسها ومنطلقها.
حسين وقاف