الضـــــمير «المستتر» في رياضــــــتنا!عندما تعمّ الفوضى تكثر «الصـّدامات» والخاسر رياضة انتظرنا توّهجها!
العدد: 9438
الأربعاء:2-10-2019
يصمت أهل الرياضة الحقيقيون، لتكون الفرصة متاحة بشكل كبير للمتطفلين عليها، فيسرحون في تفاصيلها مدّعين العلم والمعرفة، ويخوضون في شعابها مدّعين الحرص عليها!
في زمن، قد يكون كلّ شيء برياضتنا يمشي فيه بالمقلوب، بات لزاماً على (العاقل) أن يسكت، لأنه إن تكلّم بما هو (حقّ) سيجد نفسه أمام سيل من الشتائم من (صبية وأطفال) ولو تجاوزوا الخمسين من عمرهم!
المؤسف في المشهد الرياضي الحالي أنّ الأمر لم يتوقف عند تفاصيلنا المرّة، بل تجد من يقيّم زين الدين زيدان وميسي ومودريتش ورونالدو، ويضع الخطط لفرق من وزن ليفربول وريال مدريد وبرشلونة، بل ولا يقبل أن يناقشه أحد في قناعاته؟
لم تأتِ هذه الحالة من فراغ، بل ما تعيشه رياضتنا من تخبّط وقلق وضياع، انسحب بشكل أو بآخر على متابعيها، فتكونت لديهم ثقافات (مريضة) ترفض أي شيء يناهضها أو لا ينسجم معها، فانسحب العقلاء من مستنقعاتها فغرقت أكثر!
ما الحلّ، وهل من سبيل للخروج من هذا المستنقع الآسن؟
لم نعد نجرؤ على إبداء أي رأي في الرياضة وخاصة في جانبها المحلي، لأن أي كلمة تُقال ستُلبس ثوب إقليمي أو ناديوي وربما ما هو أبشع من ذلك!
ما يجب العمل عليه في هذه المرحلة هو محاولة نشر ثقافة رياضية فنية بحتة، قوامها الفهم الصحيح لدور الرياضة، وفي تفاصيلها احترام لمن يعمل بها، والتعوّد على ثقافة الحوار بعيداً عن التشنّج والتعصّب الأعمى، وهذا الأمر يجب أن يكون منوطاً بمؤسسات الاتحاد، وفي جانب آخر على الإعلام الرياضي، ولكن هذا الأخير (أي الإعلام الرياضي) سبق وبمطارح كثيرة منه السوء الذي نتحدّث عنه جماهيرياً، وتحوّل (فيسبوكياً والكترونياً وحتى ورقياً) إلى نوع من (القرصنة) يمارسها أصحاب رؤى مريضة لا يجدون من يقف بوجههم، فارتموا بحضن أشخاص وأندية يروّجون لما تمليهم منافعهم الشخصية عليهم..
لا نعمم، ولكن قلّ عدد المتمسّكين بـ (المهنية والموضوعية)، وضاع صوتهم في الزحام، وحتى يعود هذا الصوت لا بدّ من فضاء نقيّ تُسأل عنه المؤسسات الإعلامية والنقابية، فليس كلّ من يدفع خمسة آلاف ليرة لاتحاد كرة القدم يصبح (إعلامياً) ولا كلّ من مكّنته أو مكنّتها ظروفه أو ظروفها المالية على شراء (كاميرا)، وفُتحت أمام ابتسامتها المغناج أبواب ملاعب ومكاتب اصبحت أو أصبح (إعلامياً) في حين تُغلق الأبواب في وجه الإعلامي الحقيقي أحياناً كثيرة.
لا يستطيع الإعلام أن يكون (رأساً) يجرّ قاطرات الرياضة ما لم يكن هذا الرأس صافياً وفعّالاً، ومثقلاً بالإيجابية وسعة الرؤية والرؤى..
وليس مطلوباً من هذا (الرأس) أن يجرّ عربات محملات بـ (القمامة) أو بأي شيء رخيص الثمن..
الرياضة السورية لا تعيش الحدّ الأدنى من عافيتها، ورغم امتداد (نقّنا) سنوات، إلا أن أحداً ما لا يسمعنا أو لا يريد ذلك!
قد نتأهل إلى كأس العالم القادمة، وقد نحرز ميداليات ذهبية في مناسبات رياضية كبيرة، لكن هذا لا يعني أن رياضتنا بخير، وعندما نتذكّر (الأيام الخوالي) في رياضتنا ونترحّم عليها فإننا لا ننسى أنّها كانت شبه خاوية من الإنجازات، لكنها كانت عامرة بتقاليد وطقوس رياضية أعطت الغنى والتميّز لتلك المرحلة.
كلّنا مسؤولون عمّا وصلت إليه رياضتنا (ولا أجنّب نفسي المسؤولية)، لأن الدور الرقابي الذي كان علينا أن نقوم به منذ البداية تحوّل إلى (تودد) لدى اصحاب القرار من أجل سفرة أو تسمية، أو خوفاً من عواقب مؤذية، والنتيجة في الحالتين واحدة وهي التخلّي عن الدور؟
في الأماكن التي لا تصلها الشمس ولا ينبت فيها نبات مفيد تكثر الطحالب والرخويات، والخروج من هذا الوجع لا يكون إلا بإشراقة شمس جديدة بأفكارها وبأدواتها، لا بأسماء تنتمي إلى نفس العقلية..
مقبلون بعد وقت قصير على انتخابات رياضية في الأندية واللجان والاتحادات وصولاً إلى رأس الهرم الرياضي، فهل يا ترى سيستيقظ ضمير من يحقّ له الانتخاب ويلقي نظرة فاحصة وصادقة على ما أنتجه كلّ شخص قبل أن يدفع به إلى موقع القرار الرياضي من جديد؟
ضعوا أيديكم على ضمائركم، وتذكّروا أن رياضتنا تتألم، وجمهورها يتوجع، وأنّ بإمكانكم تحريك المشهد الصامت إن صارحتم أنفسكم وتوافقتم مع قناعاتكم..
أعتذر من كلّ مخلص لرياضتنا، ومن صاحب كلّ ضمير حيّ فيها أو غيور عليها، وأقدّر كلّ التقدير جنوداً مجهولين في محرابها (على قلّتهم)، وأحترم أصواتاً ما همّها في قول الحقيقة لوم لائم!
هامش: ما تضمنته حلقة برنامج (الكابتن) على شاشة الفضائية السورية مساء الإثنين الماضي يستحق أن نقف عنده طويلاً، والمعلومات التي ذكرها عضو المجلس المركزي للاتحاد الرياضي العام السيد ماهر رمضان شكّلت إحاطة شاملة بكلّ خبايا المدينة الرياضية في اللاذقية، وعلى القيادة الرياضية أن تنشر على الفور بياناً موضوعياً تردّ فيه على كلّ كلمة قيلت، لأن كلّ ما ذكر خطير ويستحق المساءلة، وقال السيد رمضان أنّه يمتلك الأدلة والوثائق على كلامه، وسبق لنا في (الوحدة) أن أشرنا إلى الكثير من هذه التفاصيل ولكن لا حياة لمن تنادي!
شكراً أسرة برنامج (الكابتن)، وشكراً للسيد ماهر رمضان والكرة في ملعب الاتحاد الرياضي وإدارة المدينة الرياضية في اللاذقية.
غــانــم مــحــمــد