وزير الخارجية والمغتربين: سوريا لم تعد دولة هامشية بل دولة مهمة لكل دول العالم

الوحدة – يارا السكري

أكد وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني أن المرحلة الراهنة تمثل فرصة تاريخية لتعميق العلاقات الثنائية مع المملكة المتحدة في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية، لافتاً إلى أن “سوريا لم تعد دولة هامشية، بل مهمة لكل دول العالم، وأن كل الأمور التي أرّقت العالم في الماضي كتجارة الكبتاغون والهجرة والأسلحة الكيميائية وتصدير الميليشيات الأجنبية لخلق الفوضى في منطقة الشرق الأوسط كان مصدرها النظام البائد، قد انتهت مع قيام الحكومة الجديدة”.
الوزير الشيباني وخلال مشاركته في فعالية حوارية نظمها المعهد الملكي للشؤون الدولية “تشاتام هاوس” في العاصمة البريطانية لندن، التي حملت عنوان “رؤية ودور السياسة الخارجية لدى سوريا الجديدة”، أشار إلى أن”رفع العلم السوري فوق مبنى السفارة اليوم بعد إعادة فتحها، يمثل اليوم عودة سوريا إلى مسارها الطبيعي، ولتكون السفارة بيتاً لكل السوريين في الخارج تمثلهم سياسياً، وليست مقراً للاستخبارات كما كانت سابقاً”، مشيداً بموقف الحكومة البريطانية الداعم للحكومة الجديدة والمتمثل في إزالة العقوبات وفتح قنوات التواصل سريعاً.
كما أكد وزير الخارجية والمغتربين أن سوريا لم تعد دولة هامشية، بل دولة مهمة لكل دول العالم، لافتاً إلى عمل الحكومة على مدار الساعة لتعريف العالم بسوريا الجديدة وترسيخ الشراكة مع الجميع بعد مرحلة التحرير، إلى جانب عملها على توفير مناخ سياسي صحي يتيح مشاركة جميع السوريين في تقرير مستقبل بلادهم، مضيفاً أن “سوريا منهكة وتمر بمرحلة انتقالية، وهي بحاجة لوقت للتعبير عن نفسها، ونطمح أن تصبح دولة يؤمن بها أبناؤها وألا تكون بعيدة عنهم”.
وأوضح الوزير الشيباني أن العلاقات مع الولايات المتحدة تسير بشكل جيد جداً وستنعكس إيجاباً على كامل المنطقة، مشيراً إلى أن زيارة الوفد السوري إلى واشنطن برئاسة الرئيس أحمد الشرع كانت ناجحة جداً، حيث تناولت جميع الملفات، مضيفاً “أن العلاقات الدولية تبنى اليوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، والسعي لبناء علاقات واقعية وشراكات مع الجميع، بعيداً عن أن تكون سوريا طرفاً في أي قطب، ومن ضمن ذلك تنظيم العلاقة مع روسيا بما يضمن مصالح سوريا واستقلالية قرارها دون استعدائها”.
وفي معرض رده عن سؤال حول السفارة السورية في تركيا، بيّن الشيباني أن إعادة تفعيل البعثة والسفارة السورية في تركيا هي من الأولويات، حيث تمتلك البلدان علاقات متميزة.
وقال الوزير الشيباني: “الحكومة نجحت خلال 11 شهراً في تغيير نظرة العالم حول سوريا وإزالة المخاوف التي كانت موجودة”، مستعرضاً الإنجازات البارزة التي تحققت خلال الأشهر الماضية، بدءاً من عقد الحوار الوطني وتشكيل الحكومة وإعلان الدستور المؤقت، وصولاً إلى الانتخابات البرلمانية، مشيراً إلى عودة ما يقارب مليون سوري، وتفريغ أكثر من مليون ونصف من المخيمات الداخلية خلال هذه الفترة.
وفيما يتعلق”بقانون قيصر”، قال الشيباني إن إزالة عقوبات قانون “قيصر” بالكامل عن سوريا باتت مسألة وقت فقط، لافتاً إلى أن إزالة العقوبات المتوقعة عن سوريا قريباً ستفتح الباب أمام فرص استثمارية واسعة في مجالات الطاقة والعقارات والتعليم، والصحة والسياحة، موضحاً أن الحكومة أعادت صياغة قانون الاستثمار لضمان بيئة شفافة وعادلة تحمي المستثمرين، معرباً عن انفتاح الحكومة على الاستثمار من جميع الدول.
وحول القضايا المتعلقة بالشأن الداخلي، أوضح وزير الخارجية أن التجربة السورية الجديدة تسعى لتكون نموذجاً في الحكم التعددي، وأن نجاحها يعتمد على التعايش وبناء الثقة ونبذ الطائفية التي كان يزرعها النظام البائد، مؤكداً العمل على تعزيز التعددية في الحكومة والوزارات والمجتمع، والحفاظ على ثقافة المؤسسات، إضافة إلى العمل على ترميم الدستور والقوانين بطريقة مدروسة، وفي إطار العدالة الانتقالية التي تدعمها الحكومة بهدف حماية المجتمع وضمان حقوق الضحايا الذين عانوا خلال حقبة النظام السابق، مشدداً على أن المرأة في سوريا قوية ومتمكنة ومثقفة ولها دور بارز، حيث أن الحكومة ملتزمة في إبراز دور المرأة والحفاظ على حقوقها ومشاركتها بشكل أمثل.
ولفت الشيباني إلى أن أحداث الساحل والسويداء شكلت تحديات كبيرة للحكومة، موضحاً أن أحداث الساحل “كانت مفتعلة من فلول النظام البائد وأن الحكومة اعتقلت نحو 200 شخص تورطوا فيها، أما أحداث السويداء، فارتبطت بتراكمات اجتماعية تحولت إلى صدامات فجرها تدخل إسرائيل”، مؤكداً أن الحكومة تعمل بروية لاحتواء الأزمة وأوصلت أكثر من 70 قافلة إغاثية إليها، “لكن هناك أطرافاً في المحافظة لا ترغب بالتسوية”.
كما أكد الشيباني أن سوريا لوحة فسيفسائية وفيها من التنوع ما يميز كل منطقة بميزات محددة، وهذا الأمر موجود ضمن الأمور التي لا يمكن التخلي عنها، أو القبول بأي شكل من أشكال التقسيم، كذلك السعي لدمج جميع المكونات في سوريا الموحدة عبر الحوار والتفاهم، مشيراً إلى العمل على تطبيق اتفاق العاشر من آذار مع “قسد” لدمج المناطق الخاضعة لها في الدولة السورية.
وعن ملف إعادة الإعمار قال الشيباني: “نحن اليوم لا نخشى على همة الشعب السوري في إعادة الإعمار، وهناك دول صديقة تقف إلى جانبنا بشكل حقيقي فيما يتعلق بإعادة الإعمار، لأن هذه المسألة حسب إحصائيات البنك الدولي ربما تحتاج إلى 400 مليار دولار وهذا ليس مبلغاً بسيطاً، وهذا المبلغ بالتأكيد لا تملكه الحكومة السورية ولا تملك شيئاً من هذا القبيل، ويجب أن يتوجه العالم أيضاً بطريقة فيها من العدالة والإنصاف لمساعدة الشعب السوري في مرحلة إعادة الإعمار، لأن هذا الأمر أولاً سيثبت الشعب السوري في الداخل وسيُنجح هذه التجربة الملهمة، وسيساعد على إعادة السوريين في الخارج إلى بلدهم ووطنهم بعزة وكرامة”.
وأردف الوزير الشيباني: “إسرائيل تلعب حالياً دوراً سلبياً في سوريا، وغير راضية عن التغيير الذي حصل، وواصلت انتهاكاتها في الأراضي السورية، لكننا لم ننجر للاستفزاز وحاولنا الرد بالدبلوماسية”، مضيفاً “لا نريد أن نكون طرفاً في أي حرب بالوكالة، ونريد الهدوء ونسعى لتفادي التصعيد مع إسرائيل وتبديد مزاعمها بالتعرض للتهديد، فنحن نعمل على إعادة بناء سوريا وننظر لأي اتفاق محتمل مع إسرائيل في هذا الإطار، والعديد من الأطراف الدولية تدعم موقفنا الدبلوماسي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية”.
وأكد الشيباني التزام سوريا بدعم الشعب الفلسطيني، معرباً عن أمله بأن يستمر اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بما يؤدي إلى إعادة الإعمار وإدخال المساعدات الإنسانية وعودة النازحين إلى القطاع.
وكان وزير الخارجية والمغتربين وصل إلى المملكة المتحدة يوم الأربعاء في زيارة رسمية، حيث التقى عدداً من أبناء الجالية السورية، إلى جانب لقائه عدداً من المسؤولين البريطانيين.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار