العدد: 9422
الثلاثاء:10-9-2019
تعتبر المدينة الرياضية في اللاذقية إحدى المشاريع الهامة على مستوى العالم، فهي معلم من معالم سورية، وقد أنشئت وفق تصميم هندسي يتناسب مع موقعها ومخططات المدن الرياضية العالمية، وهي تعرف باسم مدينة الأسد الرياضية وقد تمّ الانتهاء من إنشائها سنة 1987 بمناسبة دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط العاشرة، وتقع بالقرب من شاطئ أفاميا على طريق الشاطئ الأزرق حيث تبلغ مساحتها 154 هكتاراً وتضم حدائق ومطاعم وملاعب مكشوفة وصالات مغلقة ومسابح شتوية ومسبحاً للغطس ومسبحاً خاصاً بالأطفال، كما يوجد ضمنها متحف للفن الحديث والذي يعد الأول من نوعه في حوض المتوسط.
تحتوي المدينة خمس صالات مخصصة لكافة الألعاب الرياضية ككرة اليد والسلة والتنس كما تتضمن 11 ملعباً لكرة المضرب مع كافة مرافقها العامة، وفيما يخص المباني، يوجد مبنى للتدفئة والتكييف والصيانة، وأهم من ذلك يقع ضمنها مبنى خاص للإذاعة والتلفزيون.
وأمام هذا الواقع الحضاري والتاريخي لمدينة الأسد الرياضية وملعبها الضخم والكبير سنحاول قدر المستطاع تسليط الضوء عليها ولمعرفة رأي المواطنين بواقعها من كافة النواحي الخدمية والترفيهية والاقتصادية وكل ما له علاقة بإعادة إحيائها حتى تكون نقطة جذب سياحي وكل ذلك من خلال جولة تحدثنا فيها إلى شرائح متعددة من المواطنين والباعة والجهات العامة وذلك لبيان رأي كل منهم بآلية تطوير المدينة الرياضية وإعادة إحيائها من جديد ولكي نزيد الأمر وضوحاً.
* فداء: المدينة الرياضية في اللاذقية من أهم وأضخم المشاريع للجذب السياحي والقاطنين في المحافظة ولكن لا يوجد من يستثمرها بشكل يليق بها وبهذا الصرح التاريخي حتى باتت كأنها من المنسيات التي أكل الدهر عليها وشرب، كنت من المشاركين في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط الدورة العاشرة حيث قضيت في هذه المدينة أجمل أيام حياتي، واليوم أنا أحزن على واقعها ودخولها دائرة النسيان والتجاهل، فبوسع أي شخص أن يتابع المدينة بدقة ويرى الفوضى الشائعة في استخدام الممتلكات وإهمال الحدائق والأشجار فالكثير منها اندثر مع قلة الاهتمام واليوم ومع إعادة ترميمها أتمنى أن ألتمس طريقاً يعيد زهوتها ونشاطها وحيويتها حتى تستطيع بلوغ غايتها على مستوى حوض البحر الأبيض المتوسط.
* عبير: حتى نقترب من الواقع هناك آراء وشكاوى كثيرة حول المدينة والإهمال الذي يلف كل شبر فيها، بعد أن كانت البيت الثاني لكل فرد في هذه المحافظة، رحم الله ليالي فعاليات مهرجان المحبة الذي كان يستقطب آلاف المواطنين من كافة أنحاء المحافظات وحتى من خارجها حيث كان الجميع يحسب حساب تلك الأيام ليقضوا أجمل أيام حياته فيها حيث تعد المدينة الرياضية حتى اليوم مقصداً لأهالي مدينة اللاذقية الذين يقصدونها أيام العطل للاستجمام فيها.
* منذر: لماذا لا يتم استثمار أجزاء من الأراضي التابعة للمدينة لإقامة منشآت سياحية هامة تكون مقصداً لجذب السياح داخلياً وخارجياً، ولماذا لا يتم رسم الخطوط الصحيحة لواقع المدينة الرياضية بإقامة حدائق وملاهي ومطاعم متعددة النجوم والعمل على إعطاء الحرفيين تراخيص لإقامة منشآت مهنية يدوية لإعادة هذه المهنة إلى النور كونها تجذب الكثير من السياح والزائرين فالمدينة الرياضية تعتبر ثروة وطنية واقتصادية وسياحية إذا تم استخدامها بالشكل الصحيح والأنسب وفي قراءة واقعها الماضي فقد تم هدر ملايين الليرات بسبب إهمالها وقلة التدابير الاحترازية للحفاظ على هذا الصرح العظيم، وفي خضم ما تم تداوله حول واقع المدينة لابد للجهات المعنية والمشرفة أن تعطي تلك الحضارة قيمتها الحقيقية وألا تدخل في إطار الشعارات الرنانة بعيدين كل البعد عن واقعها الميداني لأن ما يصرف على إعادة تأهيلها يجعلها تدخل في حلة جمالية جديدة.
* علي: لماذا لا نسمع من الجهات المشرفة والمنفذة عبر الوسائل المتعددة عن تفاصيل مشاريع الصيانة والتأهيل الجارية لأن ما قدمه السيد الرئيس بشار الأسد حول ذلك يعني أن هناك استنتاج منطقي لتطوير وتأهيل المدينة وما يندرج على عاتق الجهات المعنية إعلامنا بالمراحل والخطط والدراسات وكل ما تم تنفيذه لغاية اليوم لذلك على الإعلام المرئي والمسموع التعاطي الشفاف مع كل ما يتم تقديمه لإعادة تأهيل المدينة.
* فاتن: كان وما زال أهالي المحافظة يعشقون المدينة الرياضية فقد كانت مقصدهم الأهم لقربها من المدينة وكنا نقصدها مشياً مع مجموعة زملاء، فواقع المدينة الرياضية أصبح مزرياً للغاية وعمت الفوضى بها، فالكثير من العائلات عزفت عن دخولها وقد أصبحت سمعتها سيئة، وكنا نذهب بشكل دوري إليها ونبقى حتى ساعات متأخرة من الليل، أما خلال الأعوام السابقة أصبحت مصدراً للرعب لكثرة المشاكل ووجود بعض الرواد غير المنضبطين فيها، أتمنى أن تشهد هذه المدينة يوماً جديداً بعيداً عن المخاطر وإعادة المهرجانات التي كنا قد اعتدنا عليها بشكل سنوي فالمدينة جميلة إذا تم تأهيلها وتحسينها ووضع ضوابط لمرتاديها ونحن لا نستطيع أن نقترب من واقعها حتى تنتهي كافة مراحل التأهيل.
* وتمنى مازن من فريق الصيانة النجاح في مهمته واستثمار المدينة بكافة أشكال وأنواع الجذب السياحي على مدار السنة، فهناك شط رائع وجميل يقع ضمن حرم المدينة كما يوجد بناء مع مطعم مخصص لنوادي اليخوت، فلماذا لا يتم إعادة تأهيله بوجود مستثمرين حقيقيين يبنون هذا المشروع الذي يدر ملايين الليرات للدولة وإقامة شواطئ بحرية شعبية مع بعض الاستثمارات التي تخضع لأسس وضوابط محددة، فشاطئ المدينة جميل وهو يعد من أهم المواقع للجذب السياحي.
الواقع العام للمدينة ومراحل التأهيل
وحول استنهاض المدينة الرياضية قصدنا الاتحاد الرياضي العام فكانت الإجابة بأنه لا علاقة لهم فيما يخص مسألة المدينة الرياضية وتم تحويلنا إلى المدير المسؤول عن المدينة الرياضية المهندس يحيى درويش الذي حدثنا عن الوضع الراهن للمدينة وكافة مراحل التأهيل فقال: إن المدينة الرياضية تعرف باسم مدينة القائد المؤسس حافظ الأسد الرياضية وتعتبر هذه المدينة مكرمة من مكرمات القائد الخالد على شاطئ البحر الأبيض المتوسط والتي استضافت الدورة العاشرة لألعاب البحر الأبيض المتوسط، وتبلغ مساحتها 156 هكتاراً وتحوي على منشآت ومباني إدارية، كما أن ما يقارب 60% من مساحتها هي متنزهات خضراء وتعتبر بمثابة متنفس لمدينة اللاذقية حيث احتضنت المدينة الإخوة الوافدين من مناطق سورية واليوم وبعد إعادة تأهيلها ستعاود المدينة الرياضية ألقها ومكانتها كمدينة رائدة على مستوى الشرق الأوسط إضافة إلى كونها مصنعاً لإعداد الكوادر الرياضية.
وأضاف درويش: بتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد والحكومة اتخذ القرار بإعادة تأهيل المدينة الرياضية وإعادتها إلى سابق عهدها، حيث تمّ إعداد الدراسات اللازمة لإعادة التأهيل وفق أولويات، وقد بدأ العمل والتأهيل بالاستاد الرئيسي الذي يتسع لحوالي 45 ألف متفرج وتضمنت صيانة الأرضية العشبية للملعب إضافة إلى صيانة المنصة الرئيسية وكافة الخدمات الخاصة بالمبنى ومقاعد الجمهور وكثيراً من الأعمال وذلك لوضع الاستاد بالخدمة وتفعيله لاستقبال المباريات الدولية في المرحلة القادمة.
وتابع درويش: يتم حالياً الإعداد للمرحلة التالية وهي أعمال تأهيل الصالات حيث تضم صالة رئيسية وأربع صالات فرعية والآن يتم إعداد دفاتر الشروط والمواصفات الفنية والكشوف التقديرية لأعمال إعادة التأهيل، وسيتم بدء العمل بإعادة تأهيل الصالة من الفترة القريبة القادمة، إضافة إلى ذلك يتم بالتوازي تأهيل الحدائق وقص الأعشاب وصيانة خطوط السقاية وأعمال التنظيف وكثير من الأعمال الإسعافية وذلك لتبقى المدينة الرياضية بجاهزية تامة لاستقبال أي نشاط رياضي ثقافي ترفيهي اجتماعي.
ولفت م. درويش: إلى أنه تمّ في المرحلة الحالية تجهيز مجمع المسابح لاستقبال المنتخبات ومرتادي السباحة من الزائرين وتمّ تأمين كافة متطلبات السلامة والحماية والنظافة إضافة إلى كافة الخدمات التي يحتاجها زوار المسابح وذلك لقاء أجر رمزي، كما وتمّ تجهيز ملاعب الكرة الشاطئية الرملية وكذلك ملاعب مجمع التنس لاستقبال المنتخبات وتدريب الفرق الرياضية.
أما بالنسبة إلى الخطة الاستثمارية ضمن المدينة الرياضية فأوضح م. درويش بأنها تتضمن الإعلان عن استثمار الوحدات الصحية التي تمّ التعاقد على تأهيلها كخدمات لزوار المدينة الرياضية وفق برنامج عمل ترفيهي اجتماعي خدمي (كافتيريا، ألعاب أطفال، قطارات) وفق رؤية عمرانية تنسجم مع المحيط والنسيج العمراني للمدينة الرياضية، حيث يتمّ حالياً إعداد دراسة لاستثمار بعض المطاعم الموجودة حالياً.
تمّ إعداد دفاتر الشروط الخاصة باستثمار نادي اليخوت على شاطئ البحر بالتعاون بين الاتحاد الرياضي العام ووزارة السياحة لإعلانه في ملتقى الاستثمار السياحي.
وبيّن م. درويش أنه من أولويات اهتمامنا عودة الدور الوظيفي للمدينة الرياضية كقبلة للرياضيين والنشاطات الرياضية، إضافة إلى نشر التوعية البيئية وتعزيز قواعد النظافة والصحة العامة والحفاظ على المرافق العامة الخدمية للمحافظة على هذه المدينة الغالية على قلوبنا، لافتاً إلى اهتمام القيادة الرياضية والسياسية لأعمال إعادة التأهيل مستمر وسط جولات للاطلاع على أعمال إعادة التأهيل ومراحل ونسب الإنجازات والالتزام بالبرامج الزمنية وذلك حرصاً على إنجاز هذه الأعمال وفق معايير الجودة الفنية للوصول إلى مرحلة متقدمة ذات مواصفات عالمية وإعادة المدينة الرياضية إلى ألقها السابق تجسيداً لقول القائد الخالد حافظ الأسد:
(نريد لهذه المدينة أن تكون أرض سلام ومحبة وصداقة ونريد لبحرها أن يكون بحر صداقة وسلام وأن تحلق فرقة طيور النورس لا طائرات القتل والتدمير).
استنهاضها حرفياً
قصدنا اتحاد الحرفيين لمعرفة أسباب عدم طرح مشروع استثمار أماكن في المدينة الرياضية لكافة المهن اليدوية وذلك بغية إحياء هذه الحرف من جهة والجذب السياحي إلى المدينة من جهة أخرى حتى تكون مقصداً سياحياً، فأجابنا جهاد برو رئيس اتحاد حرفيي اللاذقية: تعتبر المدينة الرياضية من الصروح الحضارية العالمية المعروفة في كافة دول العالم فهي تقع على مسافة كبيرة وضخمة جداً تتسع لإقامة كافة المعارض السياحية والاقتصادية والاجتماعية والتجارية والثقافية، لذلك لابدّ من تذليل كافة المعوقات التي تعترض حول إدراج المدينة الرياضية مدينة سياحية عالمية بشكل بحت لما تحتويه من مقومات الجذب السياحي والرياضي وبما يستلزم الحديث عنه يجب أن تكون المدينة الرياضية مقصداً دائماً لكافة حرفيي سورية باستثمار المواقع التي من شأنها أن تحمي وتنعش كافة الحرف اليدوية السورية التي عرفت بها سورية على مدى عصور متقدمة.
وأضاف برو: نتمنى إحياء المدينة الرياضية وتحويل الأسواق الشعبية التي تقع في المدينة إلى المدينة الرياضية كالسوق المقبي الذي يحوي سوق البالة وبعض المحلات والحرف اليدوية التي انقرضت حتى يكون هناك سوق دائم لتلك الحرف لكي لا تنقرض وما ترمي إليه تلك الحرف في توريث الأجداد للأبناء من أجل أن يستمر أصحاب هذه المهن في تأمين دخل مادي مستمر وإيجاد فرص عمل لشرائح واسعة في المجتمع.
وأوضح برو: أكدنا أكثر من مرة خلال الاجتماعات على ضرورة استثمار المدينة الرياضية رفعنا الكثير من الكتب إلى الجهات المعنية من أجل ذلك حيث تمت مراسلة المحافظة ومجلس المدينة لإحداث أسواق شعبية وحرفية من شأنها إظهار هذا الصرح الحضاري الهام في محافظة اللاذقية فمن يمتلك هذا الصرح يجب أن يستفيد منه في كافة المجالات العامة لما فيه خدمة للمصلحة العامة وكافة شرائح المجتمع الوطني كما يقوم بزيادة الدخل العام من خلال الكثير من الاستثمارات التجارية وغيرها.
استثمارها سياحياً
وحول الخطط والدراسات التي يمكن أن تستفيد منها المدينة الرياضية سياحياً من حيث إقامة المعارض العامة على أرضها مع استنهاض كافة المطاعم والكافتيريات وكل ماله علاقة بالجذب السياحي حدّثنا المهندس محمد الداش معاون مدير السياحة ورئيس دائرة المشاريع السياحية في مديرية السياحة قائلاً: قامت الشركة العامة للدراسات بدراسة تخطيطية للمدينة الرياضية لوحظ ضمنها تنفيذ منشآت سياحية (فنادق، مطاعم، مسابح، مراكز ترفيهية) إضافة للحظ إنشاْء مراكز تجارية ومناطق للمعارض والأنشطة الثقافية بكافة أنواعها وأشكالها (سينما هواء طلق) مشيراً إلى اتخاذه إجراءات حثيثة إنشاء مدرجات يمكن إقامة كافة الفعاليات الثقافية ضمنها.
مؤكداً وضع برنامج زمني لذلك وإن ربط تنفيذه بموافقة الجهة المالكة للموقع وهي الاتحاد الرياضي العام.
نهاية
بعد كل ما تقدم حول الواقع العام لمدينة الأسد الرياضية في وضعها السابق والحالي والمستقبلي هل يتم إحياء ليالي وسهرات المدينة حتى تكون منارة ومقصداً للأهالي والجذب السياحي وفي الإجابة على هذا السؤال نأمل أن يسهم مشروع تطوير وتأهيل المدينة الرياضية في تحقيق هذا الهدف باستنهاض واقع مدينة الأسد الرياضية للوصول بها إلى مستوى الطموح.
بثينة منى