الوحدة – يمامة ابراهيم
أن تحضر سوريا إلى الأمم المتحدة وتلقي كلمتها على لسان رئيسها السيد الرئيس أحمد الشرع، فذلك مدعاة للفرح ومصدر للاعتزاز يستوطنان ضمير كل مواطن سوري، أن يسمع العالم صوت سوريا من المنبر العالمي الأهم، وهو الجمعية العامة للأمم المتحدة، فهذه نقطة تحوّل لابدّ من البناء عليها لجهة فهم موقف سوريا ومنطلقاتها الوطنية، ورؤيتها لقضاياها وقضايا الإقليم والعالم.
منطق التفكير السياسي يقول: إنّ الكتّاب والمحللين وقادة الرأي في العالم سينشغلون بزيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من انشغالهم بأية زيارة لرئيس آخر، فسيادته غادر أرض الوطن حاملاً ملفات على قدر كبير من الأهمية والحساسية، ملفات لاتنقل سوريا إلى قلب العالم فقط بل تنقل العالم إلى قلب الحدث السوري كإرادة فاعلة وليست منفعلة حول تلك الملفات ومناقشتها تعتبر فرصة لتأكيد خيار الدولة السورية ببناء استقرارها وفرض سيادتها وإعادة إعمار ما دمرته الحرب عبر أربعة عشر عاماً.
من جهة ثانية الزيارة هي الأولى لرئيس سوري منذ عام ١٩٦٧، وبالتالي ينظر إلى الزيارة على اعتبارها كسراً للجليد في مسار العلاقات بين البلدين، يحضر الرئيس الشرع إلى أمريكا حاملاً مسؤولية الأمل والعمل والحلم ممسكاً بقضايا الساعة السياسية التي بدأت تدور بتوقيت دمشق.
سيادة الرئيس أحمد الشرع أعرب عن رغبته بلقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأكد أن سوريا ترغب بعلاقات مباشرة مع أمريكا داعياً إلى استعادة تلك العلاقات بصورة بنّاءة، جاء ذلك في مقابلة مع شبكة “CBS” الأمريكية مبيّناً أنّ الرئيس ترامب اتخذ خطوات كبيرة جداً تجاه سوريا برفع العقوبات عن سوريا، وذلك قرار شجاع وعلى العالم أن لا يتواطأ مجدداً على الشعب السوري بتعطيل رفع العقوبات، كما وبيّن أن الرئيس ترامب أدرك أن سوريا يجب أن تكون آمنة مستقرة موحدة، وفي ذلك أهمية كبيرة لسوريا والعالم.
العالم خذل سوريا عندما وقف متفرجاً على جرائم النظام البائد ومن يقف معه من تنظيمات ومنظمات ودول دون أن يحرّك ساكناً تجاه هذه الجرائم التي وصلت حد استخدام الكيماوي، هذا العالم نفسه بإمكانه المساعدة اليوم لإعادة المهجّرين آمنين إلى ديارهم، والمساهمة في تسريع رفع العقوبات، وأن يكونوا ميسرين لذلك وليس معسرين لأن الشعب السوري عانى ما عاناه، ومن حقه أن يعيش آمناً مستقراً، ومن حق سوريا كدولة أن تكون موحدة ذات سيادة غير منقوصة.
سوريا وفرت على العالم أجمع الكثير من الجهد والدماء عندما واجهت تنظيم داعش الإرهابي، وطردت الميليشيات الإيرانية وحزب الله من المنطقة، وبالتالي جنبت الإقليم والعالم مزيداً من التنافر والتنابذ والاصطفاف السياسي، وفتحت الباب للحوار بعد أن قفلت باب الصراع والمنازلة العسكرية التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من التوتر وتعقيد الحلول بدلاً من حلها.
وعودٌ على بدء، فحضور سوريا إلى الأمم المتحدة سيفسح المجال للدبلوماسية السورية النشطة أن تشرح وتفسر مواقفها معتمدة كما ذكرنا مراراً على واقعية سياسية لاتنقطع عن جذورها الوطنية ومصالح شعبها، وستكون الفرصة متاحة أكثر للرئيس أحمد الشرع للقاء قادة دول مشاركة وقوى سياسية ومجتمعية ما يسهم أكثر في تفهّم العالم لسوريا، ويمكّنها من متابعة مشروعها الوطني وبناء دولتها الموحدة على كامل أراضيها، ومواجهة الدعوات الانفصالية في الجنوب والشمال الشرقي، ووقف الاعتداءات الصهيونية والأطماع التوسعية لدولة الاحتلال.
سوريا ستكون هناك في الأمم المتحدة، كل الشعب السوري سيكون حاضراً في الدورة الثمانين لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة سيتابع بالوجدان والضمير كل كلمة سيقولها السيد الرئيس أحمد الشرع، فهي كلمة السوريين جميعاً وموقفهم جميعاً معبرة عن آمالهم وآلامهم، وبكل تأكيد هي محطة نصر ونجاح جديدين تدفع العالم لليقين أنّ سوريا تسير إلى غدها رغم الأشواك والأحجار المرمية في طريقها قصداً أو عمداً.
تصفح المزيد..