الجامعيـــون.. ودوامـــة الصـــراع مع التقاليـــد

العدد: 9413

الثلاثاء: 27-8-2019

 

في كل زمن يتذكر جيل الشباب الكثير من العادات والتقاليد السائدة في مجتمعاتهم وخاصة تلك التي لا تنسجم مع أفكارهم الجديدة وميولهم فإما أن يقبلونها على مضض لعدم قدرتهم على المواجهة أو يرفضونها محاولين تغييرها بطرق معينة ترضي جميع الأطراف أو يعلنون التمرد عليها ونسفها تماماً من حياتهم.
فما الذي يرفضه شباب وفتيات اليوم وما ردود أفعالهم حيال المجتمع البديل الذي يحلمون بالعيش فيه؟
على الرغم من حصول المرأة العصرية على حقوقها في التعليم والعمل فإنها ما زالت مصيدة وتتحكم بمصيرها مجموعة من التقاليد والأعراف وتشل حركتها.
هذا ما أكدته ريم ( 19سنة) بمرارة قالت: للأسف الفتاة لم تصل إلى مرحلة التحكم بمصيرها واتخاذها القرار المناسب بنفسها فالوصاية على الأنثى حتى لو بلغ عمرها التسعين.
عرف اجتماعي تفرضه غالبية العائلات وهذه الوصاية ليست مقتصرة على الأهل إنما الأقارب أيضاً، ويأخذ الذكر أباً ابناً أخاً أم حفيداً الدور الأول فيه وإن كان أصغر سناً من الفتاة.
وأمام هذا الواقع ترفض ريم بشدة هذه العقلية والنظرة الدونية للمرأة لكونها كائناً ضعيفاً وقاصراً في الفكر والإنتاج، ولذلك حاولت كثيراً تغيير هذه النظرة لدى أهلها لكنها لم تفلح نتيجة ثقل الموروث وعمق سطوته ،وهذا ما جعلها تعيش حالة من الصراع الدائم بين رغباتها وحاجاتها ومتطلبات العصر وتحلم بالعيش في مجتمع يُعلي من شأن المرأة أكثر لإثبات ذاتها وصنع القرار.
وفي لقاء آخر مع (سناء 25 سنة) أدب عربي وعن معاناتها مع الوصاية المجتمعية قالت: لا نستطيع مجابهة أو رفض الوصاية علينا وتتساءل متنهدة لماذا لا يتركنا المجتمع نعيش بالطريقة التي نريدها طالما أن حريتنا لا تؤذي الآخرين ولا تتعارض مع القيم والأخلاق والآداب العامة، فأنا أتمنى العيش في مجتمع يقدّس الحريات الخاصة وتنتفي فيه المراقبة والثرثرة والطعن في الظهر.
وتستاء سارة بشدة التميز الواضح بين الحقوق والواجبات ما بين الذكر والأنثى فما يحق للذكر لا يحق للأنثى هكذا قالت وقوانين الحفاظ على القيم والأخلاق لا تنطبق إلا على الفتيات وتقول على رغم خروج المرأة من سجنها التقليدي ما زالت تابعة وأسيرة للكثير من القيود الاجتماعية.
ومحرومة من الامتيازات الكثيرة التي يمتلكها الرجل، فالذكر يمتلك كرتاً أخضر يخوله القيام بأي سلوك دون ضوابط أو رقيب.
ولا تستطيع سحر التمرد على أعراف وتقاليد المجتمع لذلك نؤكد أن حصول المرأة على حقوقها كاملة لن يتم إلا بمساندة الرجل وتفهمه لحاجاتها لذلك تحلم بالعيش في مجتمع يرتقي فيه الرجل بأفكاره وتعامله مع المرأة على أنها إنسانة يحق لها ما يحق له ضمن ما يحفظ لها كرامتها واعتبارها.
أما بالنسبة للشباب، فمعاناتهم المجتمعية مختلفة نوعاً ما وأقل بكثير من معاناة الفتيات، وذلك لأنهم يعيشون في مجتمع ذكوري بامتياز.
لكن مما لا شك فيه أن هناك شباباً يؤرقهم رؤية (المرأة) في المكانة غير اللائقة بها وعن ذلك حدثنا (محمد) بانزعاجه من المحظورات غير المبررة وغير منطقية في المجتمع متمنياً على المجتمع أن يخاطب بلغة العقل وليس بلغة الخرافة والموروثات البالية وسطحية التفكير والجهل بحقائق الأمور، وهذا يتطلب منا كشباب عصريين، النداء باستمرار بضرورة التكاتف والمحبة والوحدة طالما ننتمي جميعاً إلى فصيلة الإنسانية ويشرح لنا (علاء 22سنة) عن معاناته ويقول الصراع المستمر بين الأجيال حيث تتباعد الأفكار وتتناقض القيم والمفاهيم وتفتقد لغة الحوار بين الشباب وبين أسرهم فلا مجال للنقاش والأخذ والعطاء وتسود لغة الأمر والرفض، وكأننا خلقنا لنكون دمى يحركنا الأهل كما يشاؤون وفقاً لخياراتهم وأمانيهم دون الاكتراث لما نريد وما نرغب وبعد هذه الجولة المثيرة: نقول عملية التغير الاجتماعي ليست عملية سهلة وسريعة أو مفصولة عن باقي عمليات التغيير الأخرى في بنى المجتمع. فجوهر التخلف الاجتماعي المتمثل بسيطرة الأعراف والأفكار السطحية والتمسك بالتقاليد الجامدة المعيقة للتطور هو قهر قانوني ونفسي بالأساس لذلك تحتاج عملية التغيير إلى تضافر كل هذه الجوانب معاً وذلك عبر المؤسسات التعليمية والتربوية والإعلامية والقانونية لتحقيق هذا الهدف الكبير ولا يمكننا إغفال أهمية دور الفرد والأسرة معاً في عملية التغيير بامتلاك الوعي والثقافة اللازمين لتحقيق التقدم على كافة الصعد.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار