العـــــدد 9408
الثلاثـــــــاء 20 آب 2019
رغم العمل الإداري الذي يستهلك الكثير من وقتها إلا أنها حاضرة بألوانها وطقوسها الخاصة في تحويل المشهد من حولها إلى عمل إبداعي يتناغم مع ذاتها الطامحة إلى تكريس اللون والريشة لخدمة الجمال والمحبّة والإنسان، في لوحاتها يكمن الفن الراقي بصبغته الأكاديمية المترفة بالحرفية والمهارة في التقاط المشاهد بأسلوب الفنان المطلع على مدارس الفن العالمية وتجارب الفنانين المبدعين، إنها الفنانة التشكيلية عدوية ديوب، التي درست الفن دراسة أكاديمية مدة /6/ ست سنوات في جامعة (خاركوف) الحكومية للتصميم والفنون وتخرجت منها عام 2003 م، كما أنها مديرة للمكتبة العمومية للأطفال في دار الأسد للثقافة في اللاذقية، وهي مصممة لأغلفة عدد من الكتب والمجلات، وهي كما قال عنها الفنان الراحل عيسى بعجانو (هيشون): إنها من الفنانين الهامين على الساحة السورية بالمائي، حيث تعتمد به على العمل الواقعي المنظور، واستطاعت أن تقدم طاقة وعيناً جديدة للون وللموضوعات التي تختارها، فعينها حساسة لاكتشاف ما لم يكتشفه الآخر من خلال الحوارات البصرية للألوان، وتعتمد على الحالة الجمالية البصرية المشاهدة، وهمّ العمل في مرسمها في هذه الحالة الإنجاز الجمالي من خلال الألوان المائية.
تقول عدوية: في التفاصيل تكمن الأجوبة لكل الأسئلة على الصعيد الفردي والمجتمعي لذلك يأتي اهتمامي بها، والوقوف عندها، فلكل تفصيل دوره وأهميته في الحياة والتجربة وحتى العلاقات، لوحاتي تعبر عن اهتمامي الدائم بالطبيعة فهي ذاك السحر العام الذي يأخذني إليه دائماً لجماله ولروعة تنظيمه وهندسة بنائه ومنها بدء تعلقي بالرسم وبدأت الطريق لامتلاك التقنية ولاسيما الألوان المائية، غنى وتنوع دائم يشكل مادة حية وديناميكية في العمل الفني وهي مثار إعجاب كل العاملين في الفن والرسم، فمنها النسب والأبعاد ومنها الضوء ومنها العلاقات والمساحات والخطوط والظلال والألوان، ومن حسن حظي دخولي في عالم المكتبة والأطفال إذ قدم هذا المشروع لي وللعاملين فيه وللمجتمع السوري ما يصعب حصره أو تبويبه على الصعيد المجتمعي والأهلي والفردي الإداري والتنموي والإنساني.
جمعية لها هيئة إدارية ببنية تحتية ولوجستية مغرية وضمن معايير جودة ملحوظة تعرضت بعد فترة من طرحها لصعوبات أدت إلى المزيد من التشبث به نظراً لفوائده ودفعت إلى المزيد من الصقل لخبرة الفريق العامل والمتطوع وأصحاب الخبرة كما ودفعت بالعاملين بالمكتبة إلى البحث عن بدائل دائمة ومفيدة لاستمرار المشروع بما يضمن الحفاظ على جوهره وشراكته مع المجتمع المحلي وفي مقدمتهم الأم التي أسهمت وبشكل كبير في الترويج للمشروع والحفاظ عليه وتطويره في الكثير من الأماكن لأنها كانت شريكة بنقل الخبرة على صعيدها الشخصي من الناحية العلمية والدراسية ومن الناحية المجتمعية بفتح أبواب للعمل والانخراط في العمل مع الأطفال خارج البيت وضمن الأسرة بمستوى علمي ومعرفي تنافسي ونوعي.
والخدمة المكتبية بما تملكه من تفرد في تبويب وتصنيف الأوعية الورقية والالكترونية دعمت الاختصاص المكتبي وشجعت على العمل التطوعي فيه داخل المكتبة، إضافة إلى استقبال حلقات البحث الجامعية للكثير من طلاب المكتبات في جامعة تشرين وبما في ذلك من معايير جودة لها علاقة بتصنيف ديوي العالمي العشري الذي وفقه تعمل المكتبة بالتعاطي مع شكل المكتبي مكتبياً لوجستياً وخدمياً مع الجمهور، أطفالاً ويافعين وبالغين، ويخلق حالة ودّ وتقارب دائم بين الجهور والكتاب باعتباره الخازن الأقوى والأكثر أماناً للمعرفة والعلوم ونظام الإعارة الخارجية والداخلية لمختلف الأوعية المعرفية والوسائل التعليمية لمختلف الشرائح بما يحمله من ثقة ومشاركة وتحمل مسؤولية وانتظام في عودة الكتاب والحفاظ عليه وبما يواكب اهتمام الاطفال واليافعين وحتى الكبار بما يضفي المزيد من الديناميكية والحيوية بين الجمهور والمكتبة وفريق العمل.
نظام الأنشطة المنوع والغني (قراءة قصص، مسرح دمى، برامج تقوية، لغات، أنشطة فنية وعلمية وأشغال يدوية، حساب ذهني، معارض كتب، ماراثون قراءة، معارض فنية) لمختلف الشرائح بما يراعي الخصائص الإنمائية لكل شريحة يحقق أعلى فائدة مرجوة للجمهور من زيارة المكتبة ويشجع على حالة الاستقطاب للمتطوعين وأصحاب الخبرة.
الوعي لأهمية العمل مع الأطفال والإيمان به وإيلاء الأهمية القصوى لعمل فرق العمل وتقديره بشكل دائم وفق الإمكانيات المتاحة والوضوح في تقديم الخدمة والسعي الدائم لتحسينها بما يليق باهتمام الجمهور إضافة إلى تأمين بيئة اجتماعية ومعرفية إنسانية وأخلاقية عامة، والبحث عن بدائل وحلول موضوعية وحقيقية لمختلف العقبات أو الصعوبات وإشراك الجمهور في حلها وتلبية الاحتياجات المجتمعية واحترام ضرورتها وإيلاء كل تفصيل بالعمل حقه دون العيش فيه والإيمان بإيجاد حل لها، كل ذلك أسهم في نجاح وتألق مشروع المكتبة كمشروع ثقافي تنموي اجتماعي تشاركي مع مختلف المؤسسات الرسمية والأهلية.
مما قدمه لي عالم الأطفال حالياً الاهتمام الزائد برسوم كتب الأطفال ولاسيما الدوريات الموجهة للأطفال لاسيما مجلة (شامة)، حيث المشاركة في رسوم صفحاتها او افتتاحياتها أنعشت قريحتي الفنية وزادت شهيتي وشغفي للعمل الفني حيث عالم الأطفال والبراءة والصدق والوضوح والتسامح، وهذا كان من أهم العوامل للمضي قدماً في العمل الأهلي رغم الجراح والحرب والقسوة التي نعيشها في سورية، حالياً جمعية مكتبة الأطفال العمومية في حالة من النضج والأمان بما يكفي للاستمرار والتطور وحتى التوسع مع فرق العمل ومجالس الإدارة المحبة والمعطاءة ومع الشركاء في المجتمع السوري، وأنا بصدد العودة والتفرغ للريشة وللعمل الفني بكل ما أملك من شغف وحب وانتماء للريشة وللعمل الفني.
ريم ديب