العدد: 9286
6-2-2019
في ذاكرة كل منا مساحة واسعة من الصور الجميلة عن مقاعد الدراسة، مساحة نحتفظ بها في مخيلتنا ليس لأنها مكان لتلقي العلم والمعرفة، بل لأنها خزان من الذكريات الرائعة ونافذة نطل من خلالها على المستقبل مع الذين قاسمونا أجمل الأيام وأصدق المشاعر وأنبل المواقف، فعالم الطفولة يأخذ في التوسع ويصبح عالماً غنياً عندما يدخل أطفالنا إلى المدرسة، وتصبح علاقاتهم مع الآخرين من أهم العلاقات التي أحاطت به سابقاً، فلديهم أصدقاء يقضون معهم أوقاتهم في مجالات اهتمام مشتركة، يهتم الأصدقاء بهم، ويجعلونهم يشعرون بإحساس الثقة تجاه أنفسهم، فما أجمل الصداقة وما أفضل الحياة مع الأصدقاء ولكن هل كل إنسان يصلح أن يكون صديقاً؟
يقولون: الصديق هو مرآة لصديقه، فللصداقة دور لا غنى عنه في بناء شخصية الطفل، واللعب مع الأصدقاء وتبادل وإيّاهم التجارب والخبرات المختلفة، مهما كانت محدودة، يلوّن الطفولة بألوان البهجة والمرح وحب الحياة، فكيف ينظر أطفالنا إلى مفهوم الصداقة والأصدقاء خاصة أصدقاء المدرسة؟ وما تأثير هذه العلاقة السامية على مسيرتهم الدراسية والاجتماعية؟ الصديق إحسان يوسف، الصف السابع قال: الصداقة تبدأ برغبة في الحديث الصادق أو اللعب والمرح مع صديق ننسجم معه، وبعد فترة نختاره عن قناعة تامة ليكون في قائمة الأصدقاء المقربين، يحدث كل هذا بعيداً عن التصنع في التصرفات ومن دون مجاملات، والصداقة عالم جميل، علاقة بسيطة منسجمة وصادقة، لا تحتوي على أي مصالح، ولكنها ذات تأثير كبير على حياتنا وسلوكنا، وأصدقاء الدراسة إخوة لنا في مكان آخر غير المنزل نتبادل معهم الأحاديث والأحلام والمواقف الجميلة، علاقة أساسها الاحترام والصدق والنبل في المشاعر الطيبة.
الصديقة آية سرميني، الصف الثامن قالت: الصداقة علاقة أخلاقية سامية مبنية على الثقة والمشاركة في الحياة مع الاهتمام المتبادل، فالصداقة تؤثر على شخصيتنا وتجعلها سوية متوازنة، كما أنها تعلمنا الكثير من القيم والمبادئ التي تنفعنا في المستقبل، وصداقة المدرسة طريقة للاندماج مع العالم المحيط بنا وهي تمدنا بالثقة في النفس، ومعها نحس بروح المنافسة الإيجابية مع صديقات تسود بيننا روح التعاون والاهتمام بكل ما يتعلق ببناء شخصيتنا على نحو سليم وهي فرصة لزيادة مخزوننا الاجتماعي والتعامل بشكل صحيح مع جميع المواقف الحياتية التي تواجهنا في المدرسة أو المنزل وفي كل الأماكن الأخرى.
الصديق زياد ضومط، الصف السابع قال: تعدًّ الصداقة أمراً مهماً وكنزاً قيّماً، وعلاقةً مقدّسة تعزز الترابط بين الناس، وتشعرهم بأهميتهم في المجتمع، وهي ضرورية في مختلف ظروف الحياة، خاصةً في المدارس، لذلك يجب على كلّ شخص أن يختار ما يناسبه من الأصدقاء وأن يكون بسيطاً وطبيعياً في تصرفاته، وينبغي علينا أن نسعى إلى التعرّف على الطلاب الآخرين، والتأقلم مع شخصياتهم المختلفة مما يعزز إمكانية تكوين صداقات معهم، فالصداقة المدرسية نوع من العلاقات السامية التي ترسخ لبناء علاقة متبادلة أساسها الإخلاص والمحبة والثقة بالقدرة على تجاوز الصعوبات في المستقبل، فأصدقائي في المدرسة – على الرغم من قلة عددهم – إلا أنهم بمثابة الإخوة الذين أسعى دائماً للحفاظ عليهم وعلى علاقة الصداقة التي تربطني معهم للسير معاً في دروب الحياة الدراسية والاجتماعية.
بقي للقول: على الرغم من هيمنة التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعية بأشكالها المتعددة ودورها المتعاظم والتي تحولت إلى مربٍ جديد للأطفال، وحلت بديلة عن الأسرة والمجتمع المحيط بهم في أغلب الأحيان إلا أن مهارات تكوين الأصدقاء تأتي بشكل فطري و طبيعي، ومهما طغت التكنولوجيا على حياتنا وحياة أجيالنا القادمة فسيظل هناك أطفال ينفتحون بسهولة على محيطهم من الأصدقاء ويجعلون من الصداقة علاقة مبنية على الثقة و الإخلاص لا تتوقف عند أسوار المدرسة، بل تتعداها إلى المشاركة الوجدانية في أوقات الفرح والحزن وإنشاء مساحة مشتركة تحتوي الأحاسيس الصادقة والمشاعر النبيلة في – الصداقة – التي كانت وستبقى العلاقة الأسمى والأغلى بين الناس على الدوام.
فدوى مقوص