الوحدة:18-2-2025
“الصرّع” علامة اختلال عصبي داخلي حيكت حولها الأساطير والخرافات، وعزاها البعض إلى الجن، الأمر الذي جعل من حياة المصابين بها جحيماً لا يطاق، مع أن الإنسان عرف هذا المرض قبل آلاف السنين.
وقبل الدخول في العلاج وتاريخه وتطوره، علينا التعرف على بعض جوانب عمل الدماغ، لأن هذا العضو بالغ التعقيد وشديد الحساسية، كما أنه يعد مركز التحكم بالحركات والأحاسيس والأفكار والعواطف، وتتخذ الذاكرة من الدماغ مقراً لها، وتنبع منه أيضاً الحركات اللاإرادية في الجسم مثل وظائف الرئتين والقلب والمعدة وما إلى ذلك، وتتصل خلايا الدماغ مع بعضها بعضاً من خلال إشارات كهربائية، وعند حدوث مايعرف باسم “التفريغ الكهربائي”، بين مجموعة من الخلايا تحدث ” نوبة الصرع” التي يتوقف نوعها على جزء الدماغ المستقبل للنوبة.
إن بعض هؤلاء الأشخاص تنتابهم مشاعر تحذيرية قبل الوقوع في النوبة أطلقوا عليها اسم “النسمة”، وعند ذلك تتغير درجة حرارة الجسم، وتجتاحهم مشاعر التوتر والقلق، ويؤكد بعض ضحايا هذه المتلازمة أنهم قد يسمعون أصواتاً غريبة، أو يحسون بطعم أو برائحة غير معتادة.
ويستند الطبيب على تشخيص الحالة بدقة لتحديد ذلك الجزء من الدماغ الذي تبدأ منه عملية التفريغ الكهربائي، ومع أن النسمة لا تمثل شرطاً لوقوع النوبة في بعض الأحيان، إلا أنها تعد بحد ذاتها نوبة جزئية بسيطة.
ونتيجة للتغيرات الكهربائية التي يعجز الجسم عن السيطرة عليها، يسقط المريض مغشياً عليه، ويصاب الجسم بالتصلب والرجفة العنيفة ويفقد التواصل بصورة تامة مع محيطه في النوبات الكبيرة أو الحادة.
وقد تأتي النوبة على هيئة رعشة عابرة، وانقطاع الإدراك لفترة مؤقتة، وتشخص هذه الحالة على أنها غيبة ذهنية أو نوبة صغرى.
وقد يعجز المريض في بعض الأحيان عن التحكم في تصرفاته، أو تذكر الموقف بعد انتهاء نوبة الصرع الجزئية أو المركبة، ويروي المصابون تعرضهم لأحاسيس مختلفة، ومع أن نسبة عالية من الحالات تعجز عن تذكر أي شيء إلا أن غالبيتهم تصاب بالإرهاق الحاد والتوتر النفسي الناجم عن الحرج. ويزداد معدل النوبات بسبب عدم الانتظام في تناول العقاقير المهدئة، أو التعرض لأشعة الشمس المباشرة لفترات طويلة، أو عند الإرهاق المتواصل في العمل.
ولايمكن للباحثين حتى الآن تحديد أسباب مباشرة للإصابة، ولكن أظهرت الدراسات وجود علاقة وثيقة بين المتلازمة وإدمان المخدرات والكحول والإصابات الحادة في الرأس أو بسبب الالتهابات الدماغية.
وتظهر ثلثا حالات الصرع قبل سن الرابعة عشرة، ولا يعتمد الطبيب عند تشخيص الحالة على التخطيط الكهربائي للدماغ فقط، لأن النشاط الكهربائي يمكن أن يحدث على بعد عميق في الدماغ لذا تظهر صورة التخطيط الدماغي طبيعية.
وقد يخطئ البعض في تشخيص النوبات الناجمة عن توقف تعاطي الكحول أو الحرارة المرتفعة أو نقص السكر أو النوبات الكاذبة أو ذات المنشأ النفسي.
لا تحتاج النوبات الصغرى أو البسيطة إلى أية إسعافات أولية، أما النوبات الحادة المصاحبة للارتجاج فقد تشكل خطورة على الشخص مع أنه لا يحس بأي ألم، وينصح المقربون من المصاب بالصرع بالهدوء وعدم الخوف من الحالة ووضعه في مكان مريح بعيد عن المواد المؤذية والحارة، مع رفع رأسه على وسادة، على أن يسند على أحد جانبيه.
لمي معروف