الوحدة 4-12-2024
الشعر حالة إنسانية يتوق فيها كاتب الكلمة إلى توثيق مكنونات نفسه عبر صياغة مفردات تمثل مايعتمل داخله، وهذا حال الشاعر الصيدلاني عمار حاتم الذي ألف الأدب منذ سني الطفولة محاولاً كتابة القصة القصيرة، حيث شارك لأكثر من مرة في مسابقات الرواد الطليعين في مجال الفصاحة والخطابة، وما انفك يعمل على إغناء تجربته وتطوير ملكاته الأدبية، حتى وصل المرحلة الجامعية ودرس في كلية الصيدلة، والتي لم تمنعه من هوى الأدب الذي وصل به إلى كتابة القصيدة النثرية، والتي يرى فيها تحرر من قيود القصيدة العمودية، رافضة الانصياع لبحور الشعر والبيت الواحد معتبراً أن الأدب حالة إنسانية متقدمة تنعكس على مايضمره الشاعر.
وذكر بأن الاختصاصات العلمية لاتمنع من أن يكون الأدب صنو العلم ورديفه وحال الشاعر كحال الصيدلاني والطبيب، لكل منهم أدواته التي ينبغي أن يكون على دراية ومعرفة بها، لافتاً بأن ٧٥ %من الاختصاصات العلمية في بلدنا هم أدباء وشعراء وفنانون، فالعلاقة واحدة وتبادلية بين العلم والفن.
يميل عمار إلى القصيدة النثرية، ففيها هبوط وصعود في موسيقى الشعر الذي تذوقه بداية سماعي، وبالدراسة والمتابعة طوّر مفرداته وشذّب أفكاره في نظم الشعر والكتابة النثرية، فهو يختار المفردات ويصوغ العبارات ويأتي بالكلمات والإيقاع اللذين يناسبان نصه والتي هي وليدة لحظة حضور ملكوت الشعر، مستوحياً أفكاره من قراءاته المتعددة، ومن بيئته وواقعه، ومن طقوس يعيشها، فقصيدة عنوانها “حرام قتل أغصاني” يحاكي فيها باكورة أصفاره في قريته بعد انتقاله لسكن المدينة فيقول: حرام قتل أغصاني، فطفل من بقايا الأمس، يغادر شيخه المختار، ويكبر عند سفح الغار، يحاور وجده العصفور ، يعاند نومه المأسور، أنين حنينه الغادي.
يتابع الصيدلاني عمار: نشأت أحب الأدب وأتنفسه، وكان لوالدي رحمه الله أثر في نفسي، حيث كانت له اهتمامات أدبية وكتابية ومن مثلها أنه كان في صدد مشروع روائي بدأه، ولم يكمله وأضاف بأنه لايؤمن بفكرة أنه بالضرورة أن يكون الشعر يتناقل بالوراثة، إنما يمكن أن يكون مكتسباً، كما يكون موهبة فطرية.
لكل شاعر طقوسه الخاصة فيه، يتم من خلالها كتابة سيمفونية شعرية يؤلف مفرداتها الشاعر دون تأطيرها وارتباطها بزمن أو مكان، مؤكداً أنه هو بطبيعة الحال يفضل الكتابة في هدأة الليل، وكأنه يحفز الأفكار ويجعلها سلسلة الانبثاق وترجمتها على الورق، فالليل يهيئ كافة الظروف المواتية لولادة قصيدة دون أن يعني ذلك الالتزام بزمن هو قانون وفريضة.
ومن أقرب القصائد لنفسه يذكر بأنها “تلك التي أسميتها وردة جورية” مشيراً إلى أنه من تصاريف القدر أنه لايحتاج أن يخط كلمات قصائده على الورق، فهي تُحفر وترسخ في ذاكرته مستمداً من ملكوت الشعر تلك الكلمات لتشكل قصيدة شعرية، فها هو يخاطب وردة جورية ويغبطها على مجاورتها ضريح يضم خاله القريب من قلبه بامتداد جذورها قريباً من رفاته:
ياوردة منك أغار..أنديمي يسكن في الجوار… على عرش الإمارة في حمى الجبار.. تتدثرين أريجه ليلاً وفي النهار يسدل الستار ..من فرط حزنه طوقها بيد بلهاء.. فاستشاطت غيظاً ونام سحرها المعتبر…وهو إذ ربي ابتلاه.. ولما يبدي عذراً عصب العمامة وانتحر.. ياوردة منك أغار..
شارك الدكتور عمار في مهرجان آذار للشباب في ثلاث دورات شكلت منعطفاً مهماً في إغناء تجربته باطلاعه على مشاركات زملاء تركت تلك للمشاركات أثراًِ جميلاً ومحفزاً.
يختم: أتوق إلى توثيق تجربتي الشعرية بإصدار ديوان شعري يضم ماكتبته من قصائد وأشعار وكتابات نثرية منتظراً اللحظة المناسبة.
نجود سقور