الوحدة : 20-11-2024
ما إن بدأت زراعة الموز في الساحل السوري، حتى بدأنا نسمع نظريات تحارب هذا الإنتاج قبل حصاده، فمنهم من يرى في زراعته مستهلكاً كبيراً للمياه ونحن بغنى عنه، ومنهم من يصنفه كدخيل على بيئتنا “رغم نجاح زراعته”، وقسم آخر يعتبره خطراً على الزراعات المحمية التقليدية التي بدأ مزارعونا بهجرها بعد سلسلة انتكاسات ألمت بهم، وأجبرتهم على البحث عن بديل يزيد المردود ويخفف التكاليف.
في بداية الأمر، وجدنا ترحيباً بإدخال أصناف جديدة من الزراعات المحمية لاسيما الاستوائية منها، لكن سرعان ما شهدنا انقلاباً على الأمر من نفس الفئة التي كانت تشجع على هذه الزراعات، والسؤال الذي يجب أن نطرحه اليوم بعدما بدأت زراعة الموز تنجح وتأخذ مكاناً مرموقاً عند المزارعين: لماذا هجر مزارعو البيوت البلاستيكية زراعة البندورة والخيار والفاصولياء؟.. الجواب بكل تأكيد: لأنهم خسروا كثيراً بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة وغياب الدعم، وانفتاح أسواق البذار والأدوية على أصناف مجهولة الهوية،تصل إليهم تهريباً من البلدان المجاورة، وتعطيهم نتائح غير مضمونة في أغلب الأحيان.
في السياق ذاته، هناك من يبرر “حربه” على زراعة الموز بحاجتها الكبيرة للمياه، والسؤال: هل وفرتم المياه لبساتين الحمضيات خلال سنوات مضت كي نصدق بأن محاربة الموز سببها الحرص على مخزون المياه؟
… الجواب تجدونه بالطبع عند مزارعي الحمضيات!!..
بكل الأحوال، علينا أن ننظر إلى الموضوع من مختلف الزوايا، لاسيما الفائدة الغذائية لهذا المنتج الجديد في ساحلنا، وليكن الموز زراعة أساسية كالحمضيات بشرط ألا يكون مصيره كمصير الحمضيات، لعله يتوفر على مائدة المواطن بأسعار مقبولة بعدما حُرم من وجوده لسنوات طوال، ولكن يبقى السؤال المحير حاضراً في أذهاننا: لمصلحة من كل هذه الدعايات المضادة لهذه الزراعة؟ ولماذا أزعجت هذه الزراعة كثيرين؟! و ما المانع اليوم من زراعة الموز والحمضيات والبيوت البلاستيكية والاستوائيات والزيتون والجوز في آن واحد بشكل مدروس ومخطط، يراعي جغرافية الساحل، ويساهم في تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، بعيداً عن المصالح والضيقة والرؤى الشخصية، وتقديم كل الدعم لهذه الزراعات بشكل ملموس وليس بالاجتماعات والتصربحات والدراسات والنظريات؟!.
تغريد زيود