الدخـــــلاء

العدد: 9385

11-7-2019

 

صدمني ما قرأته من مواعظ وإرشادات وعبارات تهكم نشرتها إحداهن على صفحتها متوجهة بها للعاملين في حقل الصحافة والإعلام وفنون الأدب على تنوعها وهي كانت للتو قد أنهت دورة تدريبية حضرت بنفسي جانباً من محاضراتها وكنت ممن وزع الشهادات على الخريجين.

مساء ذلك اليوم جمعتني جلسة حوار مع بعض فرسان الكلمة وعشاقها ومنهم من تليق بهم تسمية أساتذة الكار كونهم امتشقوا سيف الصحافة وحملوا شعلتها جهداً لا يعرف التعب بحثاً عن الحقيقة وتقديمها للناس واضحة كاشفة كل زيف وتضليل.
عرضت على مسامعهم ما كنت قرأته ولأننا على هم واحد ووجع واحد أخذ كل منا دوره في توصيف مشهد الصحافة التي استباحها الدخلاء وشوهوا صورتها، وانتهكوا قوانينها وميثاقها كما تقاليدها التي رسخها رواد كبار قدموا النموذج المهني الراقي حضوراً وأداءً والتزاماً بقضايا الناس وهمومهم.
حديث الجلسة تعدى هموم المهنة التي افتقدنا فيها الكلمة المنسوجة من خيوط الإبداع وتراكم المعرفة والتي ضاعت وسط ركام من كتابات لا تسد ثغرة ولا تضيف معرفة، إلى الحديث عن فنون الإبداع الأدبية والفنية التي اعتراها هي الأخرى التشوه والانحطاط بفعل ما طرأ عليها من تعدٍ شوّه الصورة الجميلة التي رسمها مبدعون نحتوا أسماءهم على الصخور كما في الوجدان والعقول.
جميعنا التقى رأينا عند حقيقة أن التشوه الذي طال كل هذه الفنون مرده إلى جيوش الدخلاء الذين استسهلوا كل شيء متجاهلين أن الإبداع مسؤولية يتطلب احترام ذائقة المتلقي إذ لا قيمة لإبداع أياً كان نوعه لا يضيف جديداً ولا يبني حجراً ولا يقدم ما يفيد.
أحد أساتذة الكار لخص رؤيته بالقول: الإبداع لا ينضج إلا على وهج التجربة وفوق نار هادئة وغياب ذلك يفسر لنا سبب التخمة العددية في الساحة الإعلامية والأدبية، وتقدم بمجموعة أفكار تصلح للقياس محملاً اتحاد الصحفيين مسؤولية التراخي في مواجهة جيوش الدخلاء ومدّعي المعرفة لدرجة أصبح الجميع يوجه سهامه الغادرة إلى الإعلام متهماً ومتهكماً، وختم بالقول: هل يصدق أحد أن اللاذقية التي أيقظت العقل البشري وأنارت دربه بالحرف عبر أبجدية أوغاريت قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام تفتقد اليوم لكل أنواع الإبداع والمبدعين في كل المجالات.
للمرة الأولى نخرج غير مختلفين فالكل كان مقتنعاً أن ليس في حياتنا ما يشعل الفرح في القلوب والنشوة في النفوس.

إبراهيم شعبان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار