رقــم العــدد 9384
الأربعاء 10 تمـــــــــــوز 2019
وصلت حبة الايشمانيا المعروفة باسم (حبة حلب) في عام 2010 لأدنى معدلاتها في طرطوس حيث لم تسجل سوى 491 إصابة في ذلك العام لتعود بالانتشار وليسجل عام 2013 (2832) إصابة منها (1339) إصابة محلية و(1493) إصابة بين الوافدين والعسكريين في حين تراجـعت إصابـات اللايشمانيـا في طرطوس مقارنة بالسنوات الماضية ،حيث بلغت خلال النصف الأول من هذا العام (563) إصابة فقط منها (352) إصابة محلية و(211) إصابة بين وافدين وعسكريين وهذه النسبة تنخفض قليلاً عما سجله النصف الأول من العام الماضي حيث بلغت الإصابات حينها (528) إصابة وتعتبر ضمن الحدود الطبيعية حسبما أكد الدكتور وسيم تفاحة رئيس مركز البرداء واللايشمانيا الذي دعا أي مواطن تظهر عليه حبة غير مؤلمة ولا تسبب حكة ولم تختفِ خلال 3 أسابيع أن يبادر بالكشف عليها في المراكز الصحية لتلافي حصول الندب وزيادة العدوى علماً أن العلاج متوفر ولم يشهد أي انقطاع وهو مجاني بالكامل.
يتبع مركز البرداء اللايشمانيا لشعبة الأمراض السارية والمزمنة في مديرية الصحة والبرداء هي الملاريا التي غالباً ما تسجل من القادمين من خارج البلد حيث يتم علاجهم ومتابعتهم حتى الشفاء التام في حين لم يتم تسجيل أي حالة بلهارسيا في سورية بشكل عام حيث يعتبر داء البلهارسيا من الأمراض الشبيهة بالملاريا، أما إصابات اللايشمانيا التي بلغت (563) إصابة في النصف الأول من عام 2019 فيوضح الدكتور تفاحة أنها توزعت بشكل أفقي على كامل امتداد المحافظة ويعزى ذلك لوجود العامل الناقل (أنثى ذبابة الرمل) في بيئتنا المحلية مما يؤهب لظهور إصابات بشكل دائم، ويضيف تفاحة أنه وبالتعاون مع الوحدات الإدارية للوقاية ومعالجة الأسباب تؤكد الصحة دوماً من خلال المجلس الصحي الفرعي على ضرورة التخلص من النفايات وأماكن تجمع القمامة وتنفيذ حملات رش ضبابية في الصباح الباكر وأواخر النهار وحملات رش رذاذي في كافة التجمعات السكنية ومجاري الصرف الصحي وأماكن تجمع القمامة كما يقوم فريق التقصي بشعبة الأمراض السارية بالتنسيق مع قطاعات (المحافظة، البلديات، الزراعة، التموين..) من أجل الحد ومكافحة الأمراض المشتركة (داء الكلب والكيسات المائية واللايشمانيا) كما جرى توزيع ناموسيات مشبعة بالمبيد في الأعوام الأخيرة بالتعاون مع المنظمات الدولية حيث كانت الأولوية بالتوزيع للمرضى والمنازل المجاورة في القرى التي سجلت فيها إصابات.
وتشير نادين قاسم مشرفة مركز البرداء واللايشمانيا أن مركز مكافحة اللايشمانيا اتخذ العديد من الإجراءات التي ساهمت بتراجع عدد الإصابات بدءاً من التثقيف الصحي والكشف المبكر عن الإصابات من خلال المسوحات على القرى من قبل العناصر المدربة في المراكز والنقاط الطبية ومن ثم التشخيص (سريري برؤية الاندفاع ومجهري يؤكد الإصابة) فتقديم العلاج للمرضى.
طرق العلاج
تتم المعالجة عبر جلسات العلاج الوطني أو عن طريق الحقن العضلي اليومي حيث يتم تحديد طريقة العلاج الأضمن للسلامة العامة عبر تقييم كل حالة ومدى الإصابة وظروف المصاب، كما يتطلب العلاج العضلي مراقبة وضع الكبد والكلى والاطمئنان لعدم وجود آثار جانبية غير مناسبة للعلاج وذلك عبر التحاليل الدموية، وتتم متابعة حالة المصاب للتأكد من وصوله للشفاء التام كما تتم متابعة الحالات المنقطعة عن العلاج والتوقف عند أسباب الانقطاع وتتلخص طرق المعالجة أما بالحقن الموضعي كل أسبوع حتى الشفاء أو الكي الموضعي كل أسبوعين حتى الشفاء والحقن العضلي يومياً لمدة 20 يوماً، أما التطهير الكامل للدم فيحتاج لحوالي 40 يوماً.
العلاج متوفر
تم تدريب عناصر في حوالي 22 مركزاً صحياً بطرطوس موزعين على امتداد المناطق الصحية الموجودة في المحافظة على تشخيص اللاشمانيا وهذه المراكز قابلة للزيادة حسب زيادة الإصابات وتوزعها لتقديم العلاج كما يتم تزويد المراكز الصحية بالعلاج والأدوية بشكل يتناسب مع وجود الإصابات في أي منطقة حيث تقدم الصحة العلاج بشكل مجاني تماماً، ولا مشكلة بتوفر العلاج الذي لم ينقطع نهائياً طيلة الأزمة مع العلم أنه غير موجود إلا بالمراكز الصحية فهو غير متوفر لا بالصيدليات ولا بالعيادات الخاصة، ومن خلال زيارتنا لشعبة الأمراض السارية في طرطوس لاحظنا حجم الخدمات النوعية والتنسيق المتواصل بين مختلف العناصر حيث تعتبر هذه الشعبة من أهم الشعب الصحية نظراً لخطورة الأمراض التي تتابعها وتكافحها من السل إلى الإيدز واللايشمانيا والبرداء والأمراض المشتركة من داء الكلب إلى الحمى المالطية والكييسات المائية وبرامج الصحة المهنية والرقابة الصحية ومكافحة السرطان والأمراض المزمنة (عيادة زرع الكلية، عيادة التصلب اللويحي، عيادة المفاصل، العيادة الهضمية، عيادة هرمون عوز النمو والبلوغ المبكر والعيادة الجلدية وعيادة أمراض الدم) كما لاحظنا توفر كادر طبي مميز مع نقص يحتاج للزيادة في كوادر المخبريين وعناصر الإحصاء.
عن اللايشمانيا
يشرح الدكتور تفاحة أن مرض اللايشمانيا يعتبر من الأمراض الوبائية طفيلية المنشأ المنتقلة عن طريق لسعة ذبابة الرمل وهي حشرة صغيرة (1-3مم) تشبه البرغشة لونها أصفر وتنتقل قفزاً دون صوت ولدغتها مؤلمة جداً وتتسبب اللايشمانيا بندبات على سطح الجلد وتقرحات مزمنة موضعيّة لكنّها ليست خطيرة على الصحة العامة للإنسان ولها ثلاثة أنواع (جلدي، حشوي، جلدي مخاطي) وبالنسبة للإصابة الجلدية فلها نوعان: جاف ورطب، والأكثر انتشاراً في طرطوس والمناطق الداخلية كحلب هي اللايشمانيا الجلديّة ذات الشكل الجاف والمسماة بتروبيكا والتي تنتقل عبر الحشرة الناقلة على شكل اندفاعات عديدة (أكثر من إصابة في العائلة) وتصيب المناطق المكشوفة من الجسم وجميع الأعمار علماً أن الدكتور تفاحة بيّن أنه لم يتم تسجيل أي إصابة بين الأطفال تحت 15 سنة، أما الشكل الرطب من الإصابة المسمى (ماجور) فيمتاز باندفاعات قليلة العدد كبيرة الحجم ومتقرحة وتنتقل من الحيوان المصاب (الجرذ الصحراوي) إلى الإنسان بواسطة الحشرة ويتواجد هذا النوع في المناطق الريفية شبه الصحراوية (ضمير، القلمون، تدمر، دير الزور، الحسكة)، حيث تتغذى ذبابة الرمل على السكريات النباتية وعند حاجتها للإباضة تلدغ الإنسان وتأخذ وجبتها الدمويّة لذا فهي تلدغ مرات قليلة في حياتها وتصل فترة حضانة المرض لشهرين وسطيّاً، ومراحل تطوره تظهر بعد لدغ الحشرة ودخول الطفيلي تظهر نقاط حمراء تشبه لسع الحشرات وبعد عدة أسابيع أو أشهر تتطور إلى حبة غير مؤلمة غير حاكة تعلوها قشرة تتقرح وتلتهب، أما النوع الثاني (الحشوي) فهو أقلّ انتشاراً وأكثر خطورة فهو مرض جهازي مترافق بحمى وتضخم للكبد والطحال مع تضخم العقد اللمفية وفقر دم ونقصان في الكريات البيض يرافقه هزال وضعف ويكون المرض مميتاّ إذا لم يُعالج ومن أهم مظاهرها السريرية استمرار الحمى لفترة قصيرة ثم اختفاؤها لتعود على فترات غير منتظمة وعادة ما تكون الحمى خفيفة وفي حال إهمال علاجه قد يكون مميتاً، عدد هذا النوع من اللاشمانيا قليل جداً في طرطوس وجميع الحالات تنتهي بالشفاء كما لم تسجل أي إصابة لايشمانيا مخاطية في المحافظة.
النوع الحشوي
يحتاج تأكيد التشخيص إلى المخبر عن طريق الفحص المجهري للطاخات ملوّنة من نخاع العظم أو الكبد أو الطحال أو الدم للبحث عن أجسام لايشمان- دونوفان (وهو العامل المسبب حيث تتشابه أعراض اللايشمانيا الحشوية مع أعراض الحمى التيفية والحمى المالطية لكنها تتميز عنهما بضخامة الكبد والطحال وتوضح مشرفة المركز أن اللايشمانيا الحشوية تمّ اكتشافها في الساحل في كسب منذ أوائل القرن الماضي حيث ينتقل الطفيلي عن طريق ذبابة الرمل أما المستودع الخازن للمرض فهو الحيوانات البرية اللاحمة والكلاب الشاردة فلا يمكن لذبابة الرمل نقله مباشرةً من إنسان مصاب إلى إنسان سليم، أما الوقاية من اللايشمانيا بنوعيها الجلدية أو الحشوية فتكون كما تختم مشرفة المركز عبر الاكتشاف المبكر للحالات وعلاجها ومكافحة ذبابة الرمل وبالتالي التخلص من أماكن تكاثرها في روث الحيوانات وأكوام الفضلات واستخدام الناموسيات على الأسرّة ووضع شباك سلكية على النوافذ والأبواب والقضاء على الحيوانات الخازنة للمرض من الكلاب الشاردة (لايشمانيا حشوية) والجرذ الصحراوي (لايشمانيا جلدية).
رنا الحمدان