خبز التنور.. ورائحة الحنين إلى الماضي

الوحدة : 8-10-2024

ما أشهى رائحة الخبز الخارج لتوه من التنور، رائحة تأخذك لماضي الجدات اللواتي كن يتسابقن ليتسنى لهن حجز الدور لخبز العجين الذي تخمّر، فلم يكن الريف يخلو من التنور الذي شكل موروثاً شعبياً استعاد مجده وحقق حضوره في العهد القريب وعاد المواطن إلى قديمه الذي وجد فيه حلاً ناجعاً، وامتهنه البعض ضمن مشروعات صغيرة تؤمن مصدر رزق في مواجهة تحديات الحصول على رغيف الخبز ولقمة العيش.
ينتشر التنور وبكثرة على امتداد ريفنا الساحلي وهو مصنوع من الطين مثبت بأحجار أو صبات بيتونية يوقد فيه الحطب لخبز العجين لينضج بنكهة النار والتعب.
مع ساعات الصباح الأولى يستيقظ ماجد ليبدأ عمله في تجهيز ما يلزم لتحضير العجين وتهيئته لخبزه على التنور متخذاً من ذلك مهنة له وجد فيها مصدر رزقه.
رحم الله أم محمد التي كانت من أوائل الذين قاموا بإنشاء تنور ومزاولة المهنة في قريتها على طريق كسب البسيط، الطريق السياحي الذي شهد في يوم من الأيام وقبل أن تحل لعنة الحرب، نشاطاً سياحياً ملفتاً ليستمر ابنها ماجد والذي أتقن الخبز والعجن من بعد أمه أم محمد مكوناً زبائن خاصين به، محققاً بذلك عائداً مادياً من خلال بيع الفطائر والمناقيش، وقد ذكر أنه ومع ساعات الصباح الأولى يستيقظ ليبدأ عمله في تجهيز ما يلزم لتحضير العجين وتهيئته لخبزه على التنور.
وحول مراحل التحضير يتحدث ماجد أنه يقوم بعجن الطحين بإضافة الماء والخميرة وبانتظار أن يتخمر يحضر الحشو اللازم (محمرات وسلق وزعتر للمناقيش والجبنة والقريشة) وبمجرد أن تخمر العجينة يأخذ ماجد عيدان الحطب الرفيعة /الحمو/ ويشعل بها التنور ليصل إلى درجة حرارة ملائمة ويعمد بعدها إلى تشكيل كرات صغيرة يتحكم بحجمها حسب الطلب، سواء أكانت للخبز أم لفطائر المحمرات ومناقيش الزعتر والجبنة والقريشة وأيضاً السلق وهناك أيضاً الخبز المسمسم /الكموجة/ التي يطلبها كثير من الناس للتلذذ بطعمة الخبز بسماكة معينة وطراوة شهية.
هذا العمل لا بد أن تعترضه صعوبات مثل صعوبة تأمين الدقيق والحطب اللازم لوقود التنور والأسعار المرتفعة لكل ذلك بما فيها مكونات الفطائر بأنواعها لترتفع تكلفتها وتُسعر حسب السعر الرائج لكل مكوناتها، ويضيف ماجد أن حركة المبيع تكون في أوجها في موسم السياحة صيفاً حيث كثيراً ما تتوقف المجموعات السياحية مع المصطافين لأخذ استراحة وتناول الفطائر وخبز التنور الذي تجذبك رائحته العبقة في الجو ويشكل وجبة كاملة للبعض ممن خرجوا بنزهة للاستمتاع بالطبيعة وقضاء الأوقات بعيداً عن رفاهية المطاعم المتعددة النجوم وأسعارها البعيدة عن جيب المواطن المتواضعة.

نجود سقور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار