“الرسوم المرافقة للنصوص الأدبية في الصحافة السورية في القرن العشرين” ..رسالة ماجستير للباحث أحمد كريم منصور
الوحدة : 11-9-2024
كان الرسم منذ بداية البشرية لغتها الأولى التي تحمل الرمز والإيحاء، مجسدة ما يجول في الخاطر، لغة تزداد بلاغتها مع إبداع خطوط الرسم تلك، ويعد الرسم الصحفي الذي يرسخ بخطوطه كثافة الأفكار العميقة التي ينحو إليها النص، ليكون بلاغة وفصاحة بموسيقا الخطوط غير الناطقة، أحد أهم تجليات هذا الفن الإبداعي.
انطلاقاً مما سبق تصدى الزميل الفنان أحمد كريم منصور لبحث أعدّ لنيل درجة الماجستير في الفنون الجميلة /جامعة دمشق، قسم التصوير/، بعنوان “الرسوم المرافقة للنصوص الأدبية في الصحافة السورية في القرن العشرين” إشراف د.رويدة كناني.
بداية طرح الباحث في مقدمة بحثه تساؤلات عدة أبرزها: ما هي الدواعي والمبررات لاختيار موضوع هذا البحث حول “الرسم الصحفي المرافق للنصوص الأدبية”«Motif» دون سواه من أنواع الفن التشكيلي؟
“الرسم الصحفي” هو ذلك النوع من التشكيل الذي يرافق عادة النص المكتوب، قصة كان أو شعراً أو نثراً، يتميز عن غيره من الرسوم الخطية – الرسوم السريعة – بأنه عمل فني مرسوم بطريقة خاصة لمرة واحدة دون إعداد دراسات مسبّقة له، ويعبّر عن خبرة ومقدرة وأسلوب الفنان، مكانه بطون الكتب والجرائد والمجلات، يزيدها غنىّ يزيّنها بعمل فنيٍّ يحمل في خطوطه ومساحاته الكثير من المعاني والدلالات.
وأكد الباحث أن هذا الفن نال من العبث والتطفّل، أناس لا يقدّرون قيمته، وجهل البعض ممن يعتبرونه “خربشات” يمكن لأيّ شخص القيام بها، مما حفلت به بعض صفحات المطبوعات – وهو كثير- من الدّخلاء الذين حاولوا إضافة خربشاتهم – مما لا معنى له – بعيدة عن جوّ «الرسم الصحفي» الفنّي وقيمته التشكيلية العالية، فأساؤوا لهذا الفن وللمطبوعة، كما أن الطباعة هي الأخرى عانت من سوء المهنة وتخلّفها، فكانت النتيجة رسوماً شاحبة تختلف بشكل كليٍّ عن الرسوم الأصلية الجذّابة، ما زاد الطين بلة.
– إنّ عدداً كبيراً من الفنّانين السّوريين المميّزين من أمثال: محمود حمّاد، نعيم إسماعيل، فاتح المدرس، نذير نبعة، غسان سباعي، خزيمة علواني، فائق دحدوح، نذير إسماعيل، عزيز إسماعيل، يوسف عبدلكي، بشار العيسى، أسعد عرابي، علي سليمان، عمر حمدي، أنور دياب، سعد يكن، جليدان الجاسم، محمد صيرفي، رشيد شمّة، جمال العباس، عبد الرحمن مهنا، محمد عزيزي، لجينة الأصيل، فؤاد طوبال، فواز الأحمد، فواز ناظم، والكثير من الفنانين الشباب أمثال: إبراهيم الحميد، زهير حسيب، أسعد فرزات، معين لايقة، إسماعيل نصرة، محمود حسّو، قد أبدعوا في هذا الفن وزينوا به صفحات الجرائد والصحف والمطبوعات السورية بأنواعها، لتضيف لسطح الورق المزدحم بالنص فضاء جمالياً وفكرياً أغنى الموضوع بصرياً وجعل النّاس تقبل على قراءة النّصوص الأدبيّة بشهيّة ومتعة، فقد أنهى هذا الرسم ملل سواد النصّ الباهت.
– ما جعل الباحث يهتم بهذا الفن هو شغفه به، حيث تطرّق إليه من خلال بعض أعماله التصويرية في محاولته الذاتية لتبنّي نوع من العفوية والمرونة والتّلقائية والبساطة في الخطوط أو الأشكال والاهتمام بالتعبير الداخلي للعمل، وهي أهمّ ما يميّز الرّسوم التي ترافق النصوص الأدبية مما اصطلُح على تسميته بالـ «الرسم الصحفي» أو «Motif» كما درجت العادة، وقد كانت للباحث تجربته الشخصية في هذا المجال، إذ قام برسم الكثير من الرسوم التي رافقت النصوص الأدبية في الصحف وخصوصاً في ملحق الثورة الثقافي، شعراً كان أو قصة أو نثراً، ضمن الفترة 1998-2006.
– أغلب النقاد لم يأخذ هذا الفن على محمل الجّد باعتباره أحد أنواع الرسم الخطي، فقد عدّوه على درجة أقل من حيث الأهمّية من الرسم الملون الذي يأتي كتتويج للرسوم الخطية.
هذا وقد تم تقسيم البحث إلى ثلاثة فصول، وقد وردت الفصول مرتّبة على الشكل التالي:
– الفصل الأول، مفهوم الرسم الخطّي تأريخياً، يوضّح عدّة نقاط أولها قضية العلاقة التي يمكن أن تربط المنمنمة بالرسم الصحفي، ثم يأتي الحديث عن مكانة الرسم الخطي في المنمنمة حيث اعتبرها البحث الجدّ المباشر للرسم الصحفي «Motif»، ثم الحديث عن مفهوم الرسم الصحفي، ليصل الباحث بعد استمزاج الآراء إلى وضع تعريفه الخاص.
الفصل الثاني، وفيه تم الحديث عن السمات الفنّية لهذا النوع من الفن، والتطرّق لأنواع الرسم الخطّي، مستعرضاً بعض النماذج من الرسوم الأوليّة لأهمّ الفنّانين، ثمّ يتحدّث هذا الفصل عن مكانة الخطّ في التشكيل، ليصل إلى الملامح الأولى للرسم الصحفي في سورية.
أما الفصل الأخير، فقد تضمّن تجربة الباحث ثم ينتهي بالنتائج والتوصيات، وملحقاً ببعض الصور والرسوم الصحفية لبعض الرواد ممن رسم في الصحافة السورية.
تكمن أهمية البحث في:
– تناوله الجانب المهم والمهمل نقدياً في الفن التشكيلي، وهو الرسم الصحفي، بما يحمل في طياته من قيم ومدلولات إبداعية في مجال الرسم وفي كونه يسلّط الضوء على جانب لم يحظ بالاهتمام – بشكل علمي- في الدراسات النقدية المتخصصة والأكاديمية البحثية.
– أهميته في رفد المكتبة العربية بدراسة تحليلية نقدية، علمية متخصصة، لخلوها من هكذا دراسات ومراجع.
يؤكد الباحث أننا أمام فن تشكيلي عفوي، يعبّر عن ذوق الفنان ومقدرته وعمق رؤيته وأسلوبه، مع الإشارة إلى أهم الصحف السورية المطبوعة التي اهتمّت بنشر «الرسم الصحفي» على صفحاتها مثل: الجندي العربي، جيش الشعب، الملحق الثقافي في جريدة الثورة، المعرفة السورية، جيل الثورة، وغيرها، والإشارة للتجارب الفنية التي اهتمت بالرسم على صفحاتها.
– الرسم المرافق للنصوص الأدبية هو فن تشكيلي يتضمن كل عناصر ومقومات العمل الفني.
– هناك علاقة بين الرسم الصحفي وتجربة الفنان، تتجلى في وحدة الأسلوب وهوية الفنان.
أهداف البحث:
يهدف البحث إلى ترسيخ النقاط الرئيسية التالية:
– الدراسة والتحليل النقدي العلمي لهذا الشكل من أشكال الفن.
– تبيان وتكريس مكانته ضمن أشكال الفن التشكيلي.
– إظهار القيم الجمالية والإبداعية انطلاقاً من أداء الفنانين في تعاملهم مع مفهوم الخط ومدلولاته ومن خلال دراسة وتحديد أسلوبية الفنانين.
– أما الفصل الأخير، فقد تضمّن تجربة الباحث، ثم ينتهي بالنتائج والتوصيات، و ملحقاّ ببعض الصور و الرسوم الصحفية لبعض الرواد ممن رسم في الصحافة السورية.
نور محمّد حاتم