الوحدة:19-8-2024
ذكر عدد من صيادي الأسماك أنهم يشعرون منذ مدة بارتفاع غير مألوف لدرجة حرارة مياه البحر، وأكدوا أن من يصطاد عبر “بندقية الصيد” ويغطس إلى القاع، يلحظ تغيراً كبيراً قد لحق بدرجة حرارة المياه، إذ اعتادوا عبر سنوات أن تتدنى درجة حرارة المياه في القاع، على عكس ما يشعرون به في الوقت الراهن.
الوحدة توجهت بدورها للاستفسار عن أسباب هذه الظاهرة من الدكتور الجيولوجي رامي عبيدي، حيث بيّن أن بلاغات الصيادين بالإضافة إلى البيانات الصادرة عن الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) سجلت رقماً قياسياً لدرجة حرارة سطح البحر المتوسط، حيث وصل المتوسط الحسابي فيه إلى 28.15+ درجة مئوية، لأول مرة منذ عام 1982.
كما تتطابق ملاحظات الصيادين مع بيانات الأقمار الصناعية للاستشعار عن بعد التي ترصد القارّات والبحار والمحيطات، مما يجعل إحساسهم غير المألوف بالحرارة العالية لمياه البحر التي قاربت 35+ درجة وفق إفادات مجموعة منهم كحدث حقيقي وغير طبيعي بالمطلق.
ويرى الدكتور عبيدي أن هذا الارتفاع بدرجات الحرارة يرتبط بعوامل متعددة، أهمها حرارة الطقس الاستثنائية الناجمة عن التغير المناخي، بالإضافة إلى التسخين المغماتي (البركاني) المستمر لقاع البحر المتوسط المُراقَب منذ أشهر، والذي يرتبط به النشاط البركاني والزلزالي الأخير في عموم المنطقة المتوسطية، إضافةً إلى البركنة النشطة لبركان إتنا بجزيرة صقلية الثائر حالياً ويقذف أطناناً من الغازات السامة والرماد البركاني والحمم البركانية الساخنة إلى مياه البحر المتوسط، كذلك الخصائص العامة للبحر المتوسط كبحر شبه مغلق يتسبب باحتباس الحرارة فيه.
من جهة ثانية، فإن الارتفاع المستمر في درجات حرارة مياه البحر المتوسط تؤدي إلى زيادة معدلات التبخر والرطوبة في طبقات الجو كافة وقد تنعكس آثاره على شكل منخفضات جوية عنيفة وأكثر فاعلية مع بداية اندفاع الهواء البارد من شمال القارة الأوروبية في وقت مبكر من الشتاء والخريف وخلال الصيف أيضاً، فيزيد من احتمالية تشكل العواصف المتوسطية والرياح الهابطة كعاصفة الأمس في حلب.
كما تؤدي الفروقات الحرارية بين سطح المياه والهواء البارد في طبقات الجو العليا إلى حدوث عدم استقرار في طبقات الجو السطحية، وتشكيل ضغوط جوية منخفضة كفيلة بتشكيل عواصف متوسطية.
وختم د.عبيدي حديثه بالتأكيد أن ما سبق سيزيد حتماً من فرص حدوث حالات عدم الاستقرار في فصل الخريف، ومنخفضات جوية قاسية وعاصفية خلال فصل الشتاء القادم ينتج عنها هطولات مطرية غزيرة فوق العادة وتشكل السيول والعواصف المطرية والفيضانات كالعاصفة دانيال التي ضربت ليبيا العام الماضي والفيضانات التي أصابت أيضاً الساحل السوري في العام الماضي وراح ضحيتها عدة وفيات، يضاف إليها مخاطر زلزالية أعلى نسبياً، تجعل التخطيط لها من الآن أمراً مُلحاً، يتناسب مع حجم الخسائر المحتملة، وربما نتجنبها بالكامل، وخاصة مع البدء المبكر بالإجراءات الاحترازية للمشاريع الزراعية، وأنظمة مراقبة السدود والجسور والمجاري المائية، وشبكات صرف مياه الأمطار في المدن والبلدات، التي تتطلب شهوراً من الإعداد والتحضير قبل بدء مواسم الأمطار، وقبل تلك النماذج الجديدة القادمة من أشكال التطرف المناخي الغريبة.
هلال لالا