صناعة أطباق القش.. حرفة تحمل عبق الماضي على وشك الانقراض

الوحدة: 20-5-2024

مشغولات الزينة اليدوية المصنوعة من القش باتت من الحرف اليدوية النادرة وهذه الصنعة التراثية والشعبية بامتياز والتي كانت حاضرة على امتداد سنين خلت أثرّ على وجودها التطور الذي طرأ على كل مناحي الحياة، ورغم تراثية صناعة الأطباق لم يعد يقتنيها إلا من يجمعهم الحنين إلى تراث الأجداد وإقبال البعض على تعلمها جاء من قبيل الولع الدارج بتلك القصص وعرضها كأغراض للزينة سيما وأنه تلاشى استعمالها مع ظهور الأواني البلاستيكية والستانلس والزجاج.
حكت لي أمي أنه ذات صباح صيفي ومع بدء موسم الحصاد قبل خمسين أو ستين عاماً مضت اصطحبتها والدتها إلى بيادر القمح لانتقاء مايناسب من عيدان وسويقات من القمح المحصود لصناعة أطباق من القش، كان من المعتاد استخدامها لعدة أغراض فكان الطعام أشهى على صينية القش مع رائحة خبز التنور وعبق زيت الزيتون وخضروات طازجة قُطفت لتوها من (حاكورة البيت) وتحولت أطباق القش المزركشة بألوان زاهية إلى تحف تُهدى يزين بها مقتنوها جدران منازلهم، كما كانت تعلق على جدران البيوت الطينية وقت ذاك..

وعن مراحل كيفية شغل هذه الصواني والأطباق حدثتا بشيء قليل من الذاكرة التي تحتفظ بها مخيلتها لتقول بأنه يتم انتقاء السويقات بشيء من الدقة. وتحتاج إلى صبر وعناية لاختيار مايلزم ويناسب شغل الأطباق، ونقوم بتنظيفها من القشور العالقة عليها، ومن ثم نعمد لقصها وجمعها وننقعها لفترة محددة حتى تصير طرية وتلين ويصبح نسجها وجدلها أسهل فيما يتم إدخال القش في العقدة بواسطة المخرز حتى تتسع وتأخذ شكلاً دائرياً وكنا أحياناً نلجأ إلى صباغة القش لتتفنن النسوة في صناعتها حسب أذواقهن ولتأخذ فيما بعد الأشكال الهندسية التي ترسم على الطبق شكلاً مميزاً.

فاديا إحدى الهاويات تقول: في صغري، كنت أراقب أمي وهي تقوم بصناعة تلك الأطباق ، أراقب الانسيابية التي تشتغل بها والدقة فما كان مني إلا أن أجرب وأحاول بمفردي حتى تعلمتها وفي وقت فراغي صنعت طبقاً رأته إحدى صديقاتي وأعجبت به وباتت الواحدة تلو الأخرى تطلب مني صنع طبق لها لتقتنيه كتحفة شعبية وتذكار تزين به جدران منزلها وكما يمكن استخدامه لأغراض أخرى كطبق للتقديم أو وضع أدوات الخياطة أوماشابه فيه.

نجود سقور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار