في ذكرى الجلاء.. السيرة العطرة للمجاهد الشيخ صالح العلي

الوحدة 22-4-2024

انتقل المجاهد الشيخ صالح العلي لجوار ربه الأعلى بتاريخ ١٣ نيسان عام ١٩٥٠، وعن حياته وشجاعته ووطنيته وأهم المحطات الزاخرة التي سجلها التاريخ عنه يطلعنا الأستاذ تمام مرهج أمين ومدير متحف الشيخ صالح العلي في مدينة الشيخ بدر بطرطوس، والذي بين لنا أن نسب المجاهد الشيخ من عائلة عريقة أصيلة في نسبها العربي يعود للأمير محمد معز الدولة أحد أمراء الأسرة الفاطمية التي حكمت مصر، جاء أجداده إلى سورية عبر هجرات متلاحقة وسكنوا في الساحل بين صافيتا وجبلة، ووقعت مواجهات بينهم وبين الصليبيين في جوار قلعة الحصن وكان أبرزهم الشيخ بدر الغفير والأمير شاكر واستولى أحد أجداده على قلعة الكيمة شرق صافيتا في القرن الرابع الهجري، كما قارع جده الشيخ حامد الكيمة الصليبيين لمدة ٧ سنوات، والده الشيخ علي سلمان كان قد نذر نفسه لله ومكارم الأخلاق وهو رجل العلم والدين والتقوى والمرجع الاجتماعي الكبير الذي يقضي بين الناس بالحق ويبت بالنزاعات، والذي فتح بيته لطلاب العلم والمعرفة وأصحاب الحاجات، ووالدة الشيخ صالح العلي هي حبابة بنت الشيخ علي عيد من قرية بشراغي قضاء جبلة، وعائلتها وقريتها كانت أشبه بخزان يضخ المال والرجال والمؤازرة للشيخ في ثورته.
في عمر ال٦ سنوات أرسله والده إلى بشراغي ليتتلمذ على يد الشيخ حمدان الخطيب، فحفظ القرآن وسيرة الرسول والأئمة ونهج البلاغة وقرأ دواوين الشعر، وعندما توفى والده كان بعمر ٢٠ عاماً، وتسلم الزعامة الاجتماعية والدينية بالمنطقة وأصبح يحكم بين الناس في النزاعات ويقصده طلاب الحاجات، وبات منزله داراً لليتامى في المنطقة، وكان يتواجد فيه يومياً من ١٠٠ – ١٥٠ طفلاً يأكلون ويشربون.. وكتب له البقاء حتى شهد جلاء الأجنبي عن أرض الوطن، بعد أن انتصرت الثورة العربية بدعم حاسم من الحلفاء ودخلت قواتها دمشق في ٣٠ أيلول عام ١٩١٨ برفقة القوات البريطانية على رأس الجنرال اللمبي قائد جيوش الحلفاء في الشرق، حيث أقيمت أول حكومة عربية وتوج السوريون الملك فيصل عليهم، وهنا بدأ تطبيق معاهدة سايكس بيكو، وأخذ الفرنسيون يدخلون الساحل منزلين أعلام الحكومة العربية ورافعين العلم الفرنسي مكانها، كما توجهوا لجبال الساحل للتمركز فيها، وعندما علم الشيخ بذلك وجه الدعوة للزعماء ووجهاء الساحل السوري من جميع الأطياف، ولبى النداء عدد كبير منهم، تحدث خلالها الشيخ المجاهد عن نوايا الاحتلال الفرنسي بفصل الساحل عن وطنه الأم، وقرأ لهم آيات من القرآن الكريم تحض على الجهاد ، وخلال ٣ أيام تباحثوا وهم في ضيافة الشيخ بأمر إشعال الثورة ضد الفرنسيين، وتم تكليف الشيخ عبد الكريم الخير بإبلاغ الحكومة العربية في دمشق بقرارهم، وكان الشيخ قد قاد ثورته بداية عام ١٩١٦ ضد العثمانيين، وفي عام ١٩١٨ انطلقت الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، ليخوض العديد من المعارك كمعركة النيحة ومعركتي الشيخ بدر الأولى والثانية، ومعركة وادي ورور، ومعركة الثكنات في طرطوس ومعارك السودا وحامية القدموس وحامية قلعة المرقب وتل ماميس والداميس.

رنا الحمدان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار