الوحدة 23-3-2024
قواعد اللغة في النّحو والصّرف والإعراب ظلمت تاء التأنيث وجعلتها ساكنةً بلا حِراك رغم أنها تهزّ السرير بيمينها والعالم بيسارها، فأنّى لها السّكون؟!.. كما جعلتها بلا محلّ من الإعراب وهي التي تضع نقاط الحروف فوق معالم الحياة بأسرها، فأنّى لها ألّا تكون مركز الكون وقلبه وعقله، وإعراب أفعاله وأسمائه وحروفه هي مَن تهندس حركاته وتضع له علامات التّرقيم؟!.. لئن تاهت تقاسيم وجهها في سنوات العمر، ونال البياض من جدائل وخصلات شعرها، ولئن عاث المرض في جسدها ألماً ووجعاً وآهات.. ولئن بلغت من العمر عتيّاً.. لها في حنايا كلّنا موضع الأيقونة، تتصدّر وجه السّماء، وتتربّع عرش الشمس.. هي السلطانة والمليكة وربّة القلوب.. الأمّ والزوجة والأخت والابنة والصديقة والزميلة وو… لا حياة إلا في فيئها، ولا موت إلا برحيلها. عذراً من أيديكنّ وأقدامكنّ اللاتي أبَينَ إلا أن يأخذن قسطاً من الشقاء والعناء إلى أن ينقضي العمر ويفنى الجسد في بناء أرواحٍ تسكن الكون بعيداً عن هدهدات السرير ومنمنمات الليل وأغنيات النهار.. علّها تحفر في أخاديد الذاكرة بحثاً عن تلك الندبة المعلّقة في جسد كلّ منّا، ليست مجرد صلة وصل، هي صلاة روح تبثّ ابتهالاتها وأدعيتها كلّ صباح، لا عبر الحبل السرّيّ وحسب، إنّما في تقاطيع وجوهنا وعبَرات عيوننا وشهقات أنفاس صباحاتنا.. تسكننا كما الروح، وتنبض فينا كما الفؤاد.. تقدّست بطهرك قواميس اللغة، وتعتّقت بزهدك معاجم الكتب وموسوعات الأساطير والأفلاك والآداب والعلوم وو… أمّ الكون أنتِ.. تضيق حروف الأبجدية دون وصفكِ.. لكِ أيتها الأمّ في عيدك كلّ التبجيل والتقديس، ولأرواح الراحلات الرحمة والنور، وللأمهات اللواتي ضحّين بفلذات أكبادهنّ على مذبح الوطن.. أمهات شهدائنا الأبرار كلّ الإجلال والإكبار ونحني الهامات شموخاً بعظيم عطائكنّ.. وإلى المنتظرات وسام الأمومة الصابرات دون ملل: أرواحكنّ تلد مع كلّ إشراقة شمس وابتسامة نهار طفلاً يُسمِع الكون صخب أمومتكنّ وضجيج محبتكنّ.. لكنّ جميعاً كلّ عام وأنتنّ أمّهات الكون، تنهل معاجم اللغة من أيديكنّ الحانيات المعطاءات البارّات الباقيات أزل الدّهر والكون.
ريم جبيلي