الوحدة:21-3-2024
تصادف وقت خروجي صباحاً مع موعد ذهاب الطلاب إلى المدرسة القريبة من منزلي، منظر جميل لطالما أحببته. فهو لا ينفكّ يرتحل بذاكرتي إلى طفولتي في سنوات دراستي الأولى.. إلى مقعدي الخشبي العتيق.. و زميلاتي فيه.. غرفة الصف.. و إلى معلمتي الجميلة.
كانت حياتنا آنذاك بسيطة جميلة و كانت المدرسة بيتنا الثاني الذي شاركت فيه معلماتنا في تربيتنا كما تعليمنا، و تنشئتنا على حسن الخلق و محبة العلم. أحببنا مدرستنا كما أحببنا بيوتنا، وكانت للمعلم رمزية خاصة مفعمة بالخشية و الرهبة المبطنة بالحب و شيء من التعلق أحايين كثيرة.
ومازلنا في دواخلنا نقف بشكل عفوي لمصادفتهم في الطريق، نقف شوقاً و محبة.
نقف احتراماً و إجلالاً لدورهم المحوري ولفضلهم العظيم فيما وصلنا فيه من مراتب علمية متقدمة.
باتوا يفخرون بنا كما نفتخر دائماً في مجالسنا بأننا كنا طلابهم على مقاعد الدراسة ذات يوم.
الآن و أنا أصادف طلاب المدرسة تحاصرني الأسئلة.
هل ما زال ذلك الشغف يملأ صدور هؤلاء الطلاب في طريقهم إلى المدرسة؟.
هل ما زال للمعلمين تلك الرمزية الخاصة الطافحة بالتعلق و المحبة المتبادلة؟
أسئلة وأسئلة تراكمت منذ أمد بعيد يساورها الفضول لأن الزمن فعل فعلته في حياتنا بكل تفاصيلها.. فربما فعل ما فعل في المدرسة، وجو التعليم و تفاصيله الكثيرة فيها.
و لكن ما نحن نثق به حقيقة أن المعلم الحقيقي هو ذاته بنفس الشخصية التي تتسم ببعدي الحزم و الحنان.
هو الأب أو الأم و الصديق.. يقدم أثمن ما لديه غير ضنين لتخريج جيل مشبع بالأخلاق الراقية و العلم و الثقافة.. هي صفاته في كل زمان و مكان، لا تغيره السنون و لا تترك الأيام أثرها البادي عليه.
يبقى دائماً و سيبقى أيقونة الكفاح و التضحية و رمزاً من أهم رموز رقي الشعوب ورفعتها.
في صباحات آذار المشعة فرحاً و نوراً يقبل علينا عيد المعلم لنجتمع حول محبته يوماً.
كل عام وكل معلمي الوطن بألف خير.. نجتمع على احترامهم و تقديس رسالتهم كعادتهم بنا.. نطلب الرحمة لمن غادرنا بجسده منهم، و ندعو بالصحة و العمر المديد للباقين بيننا.
كل عام و كل معلم و معلمة بصحة جيدة تحت ظلال الخير و كنف السعادة.
كل عام و أنتم جميعاً و سورية الحبيبة بألف خير.
نور محمّد حاتم