الوحدة : 20-3-2024
مذ كانت صغيرة تنقب عن لعبتها فتكون أول شيء تتمناه وتشتريه، لتحملها بين خافقيها وتطير بها إلى سريرها، تهدهد لها وتغني وتمشط لها شعرها حتى تكاد تسمعها تنطق بما يطربها أمي ..أمي ..لكنه القدر، السيدة سمية والدموع تحرق مقلتيها قالت بصوت متقطع ينبثق من بين شفتين ترتجفان: لله مشيئته وأنا راضية بقدره، حملت مرتين وثلاث ولم أنل ولداً بسبب الإجهاض، لجأت للأطباء ولم أترك واحداً كلما نصحتني إحداهن به أو سمعت عنه وكلهم على نهج واحد عاقر، ولم ينل اليأس مني بل أصر أكثر على حلمي، حتى أني لجأت إلى بائعي الأحلام من المشعوذين والمبصرين وقارئي الطالع والفنجان، وصرفت الكثير من الراتب الشهري وحتى مصاغي كله ذهب هباء، عندها زوجي مل مني مع أنه كان راضياً بما شاء لنا الله، ليتزوج بغيري ويصير له ابنتان، يأتي لي بهما كلما سمحت له الفرصة فهو طيب القلب ويعرف مدى حبي للأولاد وأنا أطير بهما فرحاً وأشتري لهما كل ما يطيب لهما وتشتهيان، والحمد لله على كل شيء.
السيدة فرح تقول: كنت طالبة في كلية الهندسة عندما تزوجت بمن أحب، عندها أجلت مشروعي بأن أكون أماً وعوضته بمشروعي في التخرج والدراسات العليا، وما إن استفقت حتى وجدت نفسي وحيدة، إذ طلقني زوجي بسبب تأخري له بالولد وضاعت فرصتي بأن أكون أماً، فقد زوجته والدته بأخرى فهو ولدها الوحيد، ولطالما طالبته بحقها في حفيد يسعدها ويملأ عليها دنيتها.
السيدة عفراء تقول : مرت سنوات طويلة علي بكوابيسها ثقيلة مرة كالعلقم، وأنا أسمع ما يفطر له قلبي من همسات الجارات أحياناً ونصائحهن أحياناً أخرى مع وسوسات حماتي في أذن ابنها “عاقر” اذهب وتزوج بغيرها ألا تريد ولداً من صلبك يملأ حياتك ودنياك ؟ وهو يماطل في طلبها لتمضي تسع سنوات بأوجاعها ويشاء الله لي أن يرزقني بولدي علي والحمد لله ولم أحرم من أجمل شيء في الدنيا ويناديني “ماما”.
هدى سلوم