مع “حبق” الأيام كبرت أحلامهن.. ليست ذكريات طفولية، بل قصص نجاح وتميز

الوحدة :4-3-2024

يتحدثون مطولاً عن هذا الجيل ويصفونه بجيل العصر الرقمي والمعلومة السهلة والسرعة في تلبية مطالبه واحتياجاته ولو على حساب تجاوز إمكانيات أسرته… جيل الحفظ البصم واختصار المسافات والأوقات وتطويع الأزمنة والأمكنة لتحقيق غاياتهم والوصول إلى طموحاتهم بعيداً عن القيم الاجتماعية وغيرها من الثوابت والأعراف الراسخة…. لكن قصص النجاح التي سنرافقها عبر هذه السطور تدحض كل ما يطلق من صفات وتسميات على هذا الجيل الذي أحاطت به الظروف الاستثنائية في جميع مناحي حياته ورافقته منذ طفولته الأولى فسلبت منه أبسط حقوقه في توفير الأجواء المناسبة لنموه نفسياً وجسدياً… لقاء “الوحدة اليوم” مع شابات امتلكن الموهبة صغاراً وتابعن مسيرتهن بالتصميم والإرادة للوصول إلى قمة التميز والعطاء، كنا ننتظر مساهماتهن في “صفحة الطفولة” لتكون إبداعاتهن رافداً غنياً لمحتواها ولينثرن في طياتها نفحات من مواهبهن… واليوم ومن خلال صفحاتهن على مواقع التواصل الاجتماعي نتابع قصص نجاحهن وتألقهن في مجالات مختلفة..  هي ليست ذكريات طفولية يشوبها الحنين لأيام الطفولة فحسب، بل هي قصص نجاح وإثبات للذات… فلنتابع من خلال اللقاءات الآتية:

 

سارة توفيق ناصر:

أنا باحثة في علم المواد.. أبلغ من العمر 25 عاماً، مقيمة حالياً في موسكو مع زوجي وأكمل دراساتي العليا في تكنولوجيا وعلوم المواد في جامعة سكولكفا للعلوم والتكنولوجيا (سكولتك).. والدي الراحل توفيق ناصر كان شاعراً وحبه للشعر والكتابة أوقد في داخلي  المحبة ذاتها وحثّ مخيلتي وأناملي على الكتابة..

عندما كنت في الثامنة من عمري بدأت  إرسال خواطر نثرية أو شعرية بشكل دوري من كتابتي إلى صفحة الطفولة في جريدة الوحدة.. كنت سعيدة جداً بمشاركة بعض كتاباتي مع بقية الأطفال من متابعين هذه الصفحة مثلي.. أتذكر أني كتبت عن العيد وفرحته وعن الأم المعطاء وعن جمال بلادي وعن جولاننا المحتل والكثير غيرهم..إلى جانب المشاركة كنت أتابع كل يتم نشره بشكل أسبوعي في صفحة الطفولة وكأنما كان لقاء أسبوعياُ بيني وبين كل المشاركين في إعدادها أطفالاً وكباراً…

لا زالت ذاكرتي محتفظة بكل هذه الذكريات الجميلة منذ ذاك الوقت.. فقد كان لها دور كبير في صقل شخصيتي ومنحي الثقة بالنفس.. كما أنني شاركت في مسابقات رواد الطلائع وكنت رائدة على مستوى القطر في الفصاحة والخطابة وكذلك في الإعلام كما كنت أشارك في مسرح الطفل وهناك العديد من مشاركاتي المسرحية أذكر منها مسرحية “ليلى والذئب” حيث قمت بدور ليلى..

عندما  كبرت أخذ العلم اهتمامي ووقتي وتوقفت عن النشر، إلا أنني لم أتوقف عن الكتابة أو المشاركة في كل النشاطات الثقافية حولي، كما  لا زلت أكتب خواطر وأحتفظ بها في مذكراتي…

عندما تعود بي الذاكرة إلى نفسي طفلة نشيطة مفعمة بالحياة أتذكر فضل كل ما كان حولي ويشجعني على الكتابة والمشاركة والنشر، وأنا مدركة لحقيقة كوني شخص ناجح في حياتي الاجتماعية والعلمية يعود به الفضل بشكل كبير إلى تلك الطفولة الجميلة والنشيطة التي عشتها..  وأنا هنا بدوري أحث كل الأطفال الذين يقرأون كلماتي على صقل هواياتهم وملء وقتهم بكل مفيد ينمي عقولهم ويغذي مخيلتهم.. أعلم أن نمط الحياة تغير كثيراً وربما أطفال اليوم يفضلون قضاء وقتهم أمام الشاشات الصغيرة عوضاً عن القراءة والمطالعة، إنما هنا أؤكد على دور الأهل في التوجيه والتشجيع كما كانت أمي المعلمة سوسن ناصر معي دوماً المشجع والداعم الأول لي في كل نشاطاتي ومشاركاتي ولهذا أشكرك أمي.

 

رولان رضوان:

نشأت في كنف عائلة محبة للثقافة وللكتب على مختلف أنواعها،

هذا الشيء انعكس على شخصيتي كطفلة في مقتبل العمر حيث كان المشوار المفضل و المكان الساحر بالنسبة لي هو المكتبة العمومية للأطفال لما تحتويه من كتب ومجلات وقصص

بشكل أسبوعي وعلى مدى عدة أيام تأخذني والدتي لنقرأ أو نستعير أو أشارك بأنشطة المكتبة.. من هنا بدأ اهتمامي بالكتب وأصبحت هوايتي المفضلة القراءة وأصبح الكتاب صديقي في كل الأماكن.

والدي مولع بقراءة الجرائد (الوحدة، الثورة، الوطن، تشرين.. ) والكثير غيرها، حيث كنا نتنافس على حل الكلمات المتقاطعة، كما كنت انتظر موعد قدوم موزع الجرائد لآخذ الجريدة قبل والدي وأنهيها قبله.

كانت تلفتني دائماً صفحة الطفولة، كتابات الأطفال وصورهم وفقرة الطرائف أو المعلومات البسيطة..

حتى جاء اليوم الذي قررت فيه أن أكتب في الجريدة، بالبداية لم يأخذ والدي كلامي على محمل الجد ربما لأني فتاة صغيرة عمرها ١٠ سنوات، أو ربما لأني لا أدرك تماماً معنى أن أكتب في الجريدة..

كتبت عدة قصص قصيرة، وأرسلناها للجريدة وتم نشر إحداها عام ٢٠٠٩ أو ٢٠١٠ لا أذكر بالضبط… كنت انتظر العدد الأسبوعي لأرى إن نشرت كتاباتي أم لا، وفي اليوم الموعود أتذكر جيداً سعادتي حيث أخبرت كل الأقارب والجيران أنني كتبت في الجريدة واعتبرت نفسي طفلة مهمة ومشهورة…

الهواية المفضلة منذ الطفولة وحتى اليوم الحاضر هي القراءة.

عملت سابقاً في دور نشر كتنضيد كتب مترجمة، وأنا خريجة هندسة زراعية،

كما عملت مع جمعيات محلية بالمجالات المتعلقة بالطفل، وحالياً أعمل مع منظمة دولية في قطاع حماية الطفل بتيسير أنشطة حماية للأطفال وذويهم،

ولا أخجل بإخبارك  أنه بعد نشر قصتي في الجريدة قررت أن أصبح كاتبة أو شخصية مؤثرة بالمجتمع، وبشكل أو بآخر، هذا الفعل البسيط غير أسلوب حياتي كلياً حيث عزز اهتمامي بالمطالعة ووسع لدي الأفق، كما ساعد في تنمية مخيلتي وتنمية قدراتي بشكل عام من طفلة إلى مهندسة  ومن ثم عاملة بمجال الطفولة..

رسالتي لكل أم و أب: لا يتصرف أي طفل بشكل عبثي، لذلك يجب الإيمان بأية فكرة أو اهتمام لأطفالهم..

نحن نتعلم من الأطفال لما يمتلكونه من قدرات ومهارات عالية، ورسالتي لكل طفل يمتلك موهبة أو اهتمام بمجال معين أن لا يفقد الشغف مهما أخفق وأن يعمل جاهداً لتنمية موهبته وإصدار أفضل نسخة منها.

 

تيماء علي مردن:

جريدة الوحدة .. لطالما كان لهذا الاسم  نغمٌ محبب في أذني مرتبط بذكريات الطفولة السعيدة.. أنا لا أتذكر مشاركاتي في صفحة الطفولة بجريدة الوحدة فحسب، وإنما أحتفظ بالأعداد الورقية منها لوقتنا الحالي رغم تبديل السكن أكثر من مرة، لكنها كانت من المقتنيات التي حرصت على المحافظة عليها فهي من أهم وأغلى الذكريات التي رسمت شخصيتي وعالمي الخاص..

شاركت عدة مرات منها بكتابات نثرية ومنها قصص قصيرة.

لا شك أنها كانت مرحلة طفولية صادقة وانتقائية، وجريدة الوحدة كان لها لمسة خاصة في ذلك وشكلت لي دافعاً للتميز.

شاركت بعدها على مدى ثلاث سنوات متتالية في المسابقة التي كانت تقيمها مديرية ثقافة الطفل احتفالاً بيوم الطفل العالمي.

مشاركاتي كانت أدبية نثرية ونلت فيها الجائزة الأولى على مستوى القطر في الكتابة لسنتين متتاليتين ومرة حصلت على الجائزة الثانية مناصفة.

الآن أنا خريجة كلية الهندسة الزراعية وأدرس الماجستير فيها،  ولدي عملي الخاص في تنسيق وزراعة نباتات الزينة وتسويقها باسم “حبق”.

واكتشفت لاحقاً أن هناك وجه تشابه بين الكتابة والزراعة.. فكلاهما ينبعان من صفاء الروح والسلام الداخلي، ويحتاجان الصمت كثيراً.. ومع الوقت نحصد ثمار الصمت والصبر.. إما نرى الأزهار أو نسمعُ بوحاً رقيقاً..

ونصيحتي الأخيرة ليست للصغار.. إنما للأهالي فمنهم البداية وحسنها..

أتمنى الانتباه ومتابعة ميول أطفالكم بحرص شديد ومحبة غامرة وتصفيق دائم.. من يدري ربما بيكاسو العصر الجديد هو طفلكم الصغير ..

 

سارة سلوم:

لصفحة الطفولة ذكريات جميلة، فأنا أتذكر شعور الفرح والسعادة الذي كان يعتريني عندما أتصفحها.

كطالبة صغيرة كنت أجد صعوبة في الاستيقاظ مبكراً كل يوم للذهاب إلى المدرسة، ما عدا يوم الثلاثاء كنت أستيقظ بكل نشاط وحيوية، لأنني على موعد مع قراءة مشاركاتي في صفحة الطفولة بجريدة الوحدة. والتي كانت بمجملها مساهمات وطنية تتحدث عن الجولان وسورية والشهداء والجيش… لقد كبرتُ في الحرب.

وأنا أعتبر هذه المحطة من حياتي، وأنا طفلة، والتي ما تزال عالقة في ذاكرتي، كأحد الدوافع الهامة التي دفعتني نحو طموحٍ أكبر.. فأن ينشر اسمي في صحيفة محلية، جعلني كطفلة أفكر بالعالمية.. كان الأمر أشبه بجناحين أحلق بهما لتحقيق ما كنت أحلم به..

حينها كنت أحب القراءة والمشاركة بكافة النشاطات التطوعية والاجتماعية..

وحالياً لم يتغير الأمر لكن بوتيرة وزخم أقل بكثير بسبب مشاغل الحياة، وقد تخرجت من كلية الهندسة الزراعية، قسم الاقتصاد الزراعي، وأنا حالياً كاتبة في الموقع الإلكتروني لقناة الميادين.

وأحب أن أتوجه للصغار مِمّن يمتلكون موهبة ما بالقول: جربوا كل شيء حتى تكتشفوا مالذي تبرعون به.. لكن بشكل عام لا أريد أن أخاطب الصغار بل أن أخاطب أهلهم.. يجب على الأهل مساندة أبنائهم وتشجيعهم على اكتشاف مواهبهم ودعمهم في تنميتها لا بل حتى احترافها.. قد تصبح هذه الموهبة في المستقبل كمصدر دخل لهم أفضل بكثير أو موازي لعملهم باختصاصهم الأكاديمي.

 

جورج إبراهيم شويط

 

 

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار