العـــــدد 9368
الثــــــلاثاء 18 حزيــران 2019
داء الكيسات المائية هو من الأمراض المنتشرة بكثرة في المناطق الزراعية الرعوية حيث يعيش الإنسان بتماس مباشر مع الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب والغنم والماعز وهو مرض إنتاني طفيلي تسببه الشوكاء الحبيبية ويصيب الأعضاء بشكل منفرد أو مشترك كالكبد والرئة والطحال والكلية والدماغ وغيرها
وهذا ما تم نقاشه مع الطبيب سامر رجب أخصائي جراحة صدر وجراحة عامة بقوله: خلال فتره ممارستي الطبية الطويلة في محافظه دمشق كانت الكيسات الرئوية بتوضعاتها المختلفة في الصدر والبطن من العمليات الروتينية على جدول العمليات الأسبوعي للمرضى القادمين من المناطق الشرقية وريف حلب وحماة ولكننا لاحظنا في الأشهر الأخيرة زيادة كبيرة في عدد الحالات في محافظة الللاذقية بتوضعاتها المعتادة والنادرة حتى عالمياً حيث أجرينا الجراحة لكيسات توضعت في التامور والعامود الفقري وما يعزز هذه الزيادة عوامل مختلفة أهمها: عودة الكثير من الأسر السورية في الساحل السوري للاعتماد على تربية المواشي والإقبال الكبير على تربية الحيوانات الأليفة في المنازل كالقطط والكلاب والعادات السيئة بملامسة الحيوانات التي تكون ناقلة للمرض وعدم الاهتمام بنظافة الأطعمة وطهي اللحوم بشكل جيد والأهم عدم معرفة الأغلبية لآلية العدوى للإنسان والتي تحصل عبر الجهاز الهضمي حصراً.
إن العامل المسبب للمرض هو الشوكاء الحبيبية التي يبلغ طولها 4-6 ملم ويعيش الطفيلي في أمعاء الكلاب والقطط ويطرح بيوضه مع فضلات هذه الحيوانات وتتميز هذه البيوض بمقاومتها الشديدة للعوامل الفيزيائية والكيميائية وقدرتها على الحياة لعدة أشهر خارج الجسم، تلتقط المواشي كالغنم والبقر والماعز هذه البيوض أثناء تناولها للأعشاب والمياه الملوثة فتنفتح داخل أمعائها ويخرج منها الجنين مسدس الأشواك فيخترق جدار الأمعاء ويمر مع الدوران الدموي أو اللمفاوي إلى الأحشاء المختلفة ويتحول إلى يرقة تبقى حتى موته أو ذبحه ونتيجة لسوء تصريف أحشائه والتخلص غير السليم منها تصل من جديد إلى القطط والكلاب الشاردة، أما آليه العدوى للإنسان فتتم حصراً عبر الجهاز الهضمي بواسطة البيوض المحمولة مع المياه أو الأطعمة الملوثة التي يتناولها الإنسان صدفة أو بسبب الإهمال فتصل إلي أمعائه وتنفتح ويخرج منها جنين مسدس الأشواك ويتوضع القسم الأعظم منها في الكبد حوالي 60بالمئة وفي الرئتين حوالي 40بالمئة والنسبة الضعيفة في التوضع تكون في الأحشاء والأعضاء المختلفة ويعيش الجنين في المكان الذي يستقر فيه لفترات طويله تصل لعدة سنوات والعلاج الأساسي للمرض هو الاستئصال الجراحي بدقة متناهية فينعدم بذلك احتمال الانتكاس والانتشار.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن هناك أكثر من مليون شخص مصاب بهذا المرض في العالم و بالنسبة للعبء الاقتصادي فتبلغ التكاليف السنوية العالمية المتعلقة بمرض الكيسات المائية ما يقارب ثلاثة مليارات دولار أمريكي كنفقات لعلاج الحالات لدى البشر وخسائر في قطاع الثروة الحيوانية.
حالياً يتم التعاون مع الدكتور مصطفى صالح رئيس غرفة الأمراض السارية في مديرية الصحة حيث يتم إرسال كل المرضى بعد الجراحة لتلقي العلاج الدوائي الداعم الجديد البرازيكوانتيل وهو دواء قاتل للديدان المسببة للكيسات المائية وتتم مشاركته مع الأليندازول خاصة عند تعدد الكيسات وصغر حجمها (الدواء مجاني لكل المرضى).
إن معرفة دورة حياة الدودة المسببة للكيسات المائية في جسم الإنسان وطرق انتقالها تسهل الوقاية منها والقضاء عليها وعموماً نستطيع تلخيص أساليب الوقايه بالنقاط التالية:
القضاء على الحيوانات الشاردة التي تحمل الدودة في أمعائها وإجراء فحوصات دورية للحيوانات الآهلة وعلاجها من الدودة الطفيلية وغسل وتطهير جيد للمأكولات الخضراء التي تؤكل دون طبخ وتوعية الجزارين لمنع إلقاء أي جزء من اللحم المصاب إلى الكلاب وحصر الذبح في المسالخ وإتلاف اللحوم المصابة ومنع إلقاء الحيوانات الميته في العراء وإجراء فحوصات دورية للناس المشتبه بإصابتهم بهذا المرض وفحص ذويهم جيداً وعلاجهم وينصح بتعميم تلقيح الحامل لهذا المرض بهذا اللقاح EG95 الذي تم اكتشافه حديثاً وتتم تجربته على نطاق صغير على الخراف وأدى لنتائج جيدة وأخيراً لابد من إطلاق حملات التثقيف العامة لخفض انتشاره وزيادة الوقاية منه.
فداء محمود