بركان من الألم والمشاعر ضمن المجموعة القصصية (أنا ويزن) للكاتبة سامية إسبر

الوحدة : 16-1-2024

إذ ما كانت الروح شجاعة ممتلئة بكم هائل من الحب والإنسانية، حينها يمكن تخطي الألم في وجه القدر والابتعاد عن عالم الظلم.
تفاصيل كثيرة أوجزتها الكاتبة سامية إسبر في مجموعتها القصصية الصادرة عن وزارة الثقافة- الهيئة العامة السورية للكتاب (أنا ويزن) ضمن لمحات وومضات محمّلة بالألم ورحلات بحث عن مبعث للضوء وولادة أمل قادر على تخطي الكثير من المواجع والأحزان.
تبدأ أحداث القصة منذ ولادة الطفل يزن حيث خطت الكاتبة والأم سامية إسبر مجموعتها القصصية ليكون بطلها ابنها يزن الذي تبدو تقاسيم وجهه في منتهى البراءة والطيبة، في مسعى منها لتحرير طفلها من قيود المجتمع وتصنيفاته (متلازمة داون) لتعبر بكل شجاعة عن تجربتها: “وضع يزن وجهه بين يديه وبكى بكاءً شديداً كأنه رجل كبير أصابه ألم شديد، ترى ماذا حصل، من أذاك يا ولدي الصغير؟”
كانت الصدمة الأولى قاسية جداً، إنها المرحلة الأولى للتحرر من الألم فقد أصبح لحياة يزن في كنف عائلته معنىً بوجوده: (حبنا له سيشفيه)، ثم يليها مرحلة القلق و إثبات وجود يزن وسط محيطه: ( إنه جميل نظيف، لماذا لا نربي أنفسنا أولاً ثم أطفالنا ثانياً على تقبل الآخر، وهنا كانت مأساتي، يزن بحاجة للشارع وللأصدقاء، لأن يلعب مع أطفال من عمره، ولكن كيف في مجتمع يجهل التعامل مع طفولة كطفولة يزن).
في مكنونات النفس لدى الكاتبة سامية إسبر بركان من المشاعر والأفكار تخطت حدود عائلتها فقد عرّجت على سنوات الحرب على سورية واللحظات الأولى لسرقة أحلام الشباب السوريين وطفولة الأطفال.
كما غاصت الكاتبة في مجموعتها القصصية إلى أعماق وجدانية ذات دلالات عميقة للوقوف عند اللحظات الهاربة ضمن مجموعتها التي ضمت ١٥ قصة قصيرة منوعة عن الحب والفراق والتضحية والأنانية والتردد والخوف والعزلة والقلق والمعاناة والإحباط : (كن الضوء) (شيء ما في حياتي) (أيها الرجل)، (أيتها المرأة)، (المدينة)، (نشوة الفراغ)، (رصيف الكآبة)، (لا أريد أن أرى)، (هذا الدوار الجميل)، (مرحبا أنت جميلة)، (عندما ضاع وجهي)، (هذه أنا) (سرافيس) (صديقان إلى الأبد).
في المرحلة الختامية من المجموعة القصصية تتبدد مخاوف الكاتبة الأم سامية إسبر و تتخطى الألم بكثير من الصبر والامتلاء الذي يحرر الإنسان من قيود المجتمع: (أرجوك يا يزن، أوهمني أنت أيضاً أنك صدقتني، تعال نحلم، نطير معاً ونحلق مع الموسيقا، تعال نجمع رسوماتك ونطير، ثم نرميها من السماء فتراها الشمس، القمر، النجوم والطيور، تسقط على الأشجار على الأزهار وعلى كل شيء جميل في هذه الحياة، ويكون لك معرض كبير لم يحصل عليه أي رسام قبلك مهما كان عظيماً، وأنا سأحقق حلمي بأن أطير خارج هذا العالم الجامد الذي دمر كل ما رسمته لنفسي في شبابي، أن أكسر المرايا التي تظهر شعري الأبيض و أضع يدك في يدي نحقق حلمنا معاً).

ازدهار علي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار