الوحدة:14-12-2023
في الماضي، كان الزوجان غير المتفاهمين يواصلان العيش معاً من أجل سعادة الأطفال، أما في زمن ثقافة الطلاق فإن الطلاق يتم من أجل سعادة الأطفال ..!
إننا نشهد كارثة بحق المؤسسة الاجتماعية الأكثر بطولة في تاريخ الإنسان، ألا وهي المؤسسة الزوجية.. نشهد انهيار ثقافة الزواج مقابل انتعاش ثقافة الطلاق والأشكال المشوهة من الزواج، لقد خسر الزواج قوته القانونية والرسمية، وانتهت بسرعة مريبة تلك القوة الاجتماعية التي كانت مؤسسة الزواج تتمتع بها، حتى إنه يصح القول اليوم: إن الزواج لم يعد مؤسسة اجتماعية لقد أصبح الزواج أقرب إلى المعايشة منه إلى الرباط المقدس، ولهذا اتخذ صفة الوقتية بدلاً من الديمومة.
إن انهيار الزواج ليس كارثة طبيعية وإنسانية فحسب، وإنما هو تفكيك متعمد للمجتمع وانتصار مأساوي لدعاة الطلاق من محامين.
(قصة العائلة) التي غابت عن الأطفال، ذلك أن أطفال اليوم سيكبرون بلا قصة عائلية حقيقية وسيعيدون توليد الكارثة الاجتماعية من جديد.
لقد صار متداولاً أن بالإمكان استبدال الزوج أو الزوجة وكأن الأمومة أو الأبوة أو حتى الزوج أو الزوجة عبارة عن مهنة أو وظيفة، يمكن فيها الاستغناء عن موظف واستبداله بآخر، عدا عن الأعذار الرائجة بخصوص الطلاق وهو المتمثل في العنف ضد الأطفال، وإساءة التعامل معهم. لقد نجح مروجو ثقافة الطلاق في تصوير الأمر وكأن الآباء أو الأمهات هم مصدر الخطر الأكبر على الأبناء في بعض الأحيان، ولا تتوقف أبواق تلك الثقافة عن تضخيم تلك الحكايات الشاذة.
إن أكبر خطر يواجه الأطفال في البيوت يأتي من زوج الأم وزوجة الأب وإن الكثير من أبناء الأمهات المستقلات يعانون مشكلات نفسية وعصبية وصحية، في الماضي كان الزوجان غير المتفاهمين يبقيان معاً من أجل الأطفال. أما اليوم فما يروج له بعض الناس هو أن الطلاق يتم من أجل سعادة الأطفال، وينبري بعض أنصاف المثقفين للقول مراراً وتكراراً: إن الطلاق مهما كان سيئاً بالنسبة إلى الأطفال فإن الأسوأ منه هو أن يعيش الأطفال في ظل نكد عائلي.
المقولة الدارجة هي أن الأطفال لا يمكن أن يكونوا سعداء، إذا لم نكن نحن سعداء بينما المقولة الحقيقية والأكثر إنسانية هي تلك التي تقول: إننا لايمكن أن نكون سعداء مالم يكن أطفالنا سعداء. وبهذا نمثل انتفاضة على ثقافة الطلاق السائدة في مجتمعاتنا اليوم، لكن هذه الانتفاضة تبدو كصرخة في وادٍ حيث الواقع.
لمي معروف