العدد: 9364
12-6-2019
العمل حق طبيعي وهام من حقوق الإنسان يجعله يشعر بإنسانيته وقيمة عمره وما يجنيه في حياته، ولكن في زمننا هذا غدا حتى هذا الحق الطبيعي حلم من الأحلام المستحيلة، يدفع لأجل تحقيقه أجمل سنين عمره وكل مقتنياته والكثير مما يملكه ذويه.
حقيقة يعاني الكثير من شبابنا وشاباتنا من صعوبة في الحصول على فرصة عمل تناسب ظروفهم وأماكن إقامتهم وتحصيلهم التعليمي وخاصة أبناء الريف الذين كانوا يعتمدون في السابق على زراعة محاصيل زراعية متعددة.
أما الآن ونتيجة غلاء كافة مستلزمات الزراعة وتغيرات المناخ فقد أصبحت الزراعة أيضاً من الأعمال الشاقة والتي لا فائدة تجنى منها وتعادل ريع الجهد المبذول عليها والأموال المصروفة منها.
وفي منطقة ريفية مثل منطقة القرداحة حيث لا مشاريع استثمارية ولا معامل خاصة ولا مشاغل كبيرة أو شركات ولا مؤسسات إنتاجية ضخمة كبيرة للدولة أو حتى خاصة، تغدو فرصة العمل ضرباً من الخيال لدرجة إن أبناء المنطقة يتقدمون للكثير من المسابقات المعلن عنها في المحافظات الأخرى وذلك للحصول على فرصة العمر وتحقيق الحلم المأمول..
علاء أسبر أحد هؤلاء الشباب درس واجتهد ليتخرج من كلية التربية قسم مناهج ودرس أيضاً ماجستير إدارة الأعمال، وعمل جاهداً للحصول على كافة الوسائل التي تؤمن له المستقبل المشرق من دورات في اللغات والمعلوماتية.
تقدم للمسابقة المعلن عنها من قبل وزارة التربية ولكنهم لم يأخذوا سوى أقل من عشرين اسماً من بين ما لا يقل عن ألف متقدم، ولم يكن له نصيب فيها حاول علاء أن يقوم بمشروع خاص به وهو بيت بلاستيكي ولكن نتيجة تقلبات الطقس الدائمة وعدم وجود البيئة المناسبة أدت لعدم نجاح مشروعه كما كان يتمنى بل خسر فيه كل ما كان يملكه، وحالياً يحلم علاء أن يتعين في مسابقة عادلة تناسب اختصاصه العلمي ويتمنى أيضاً أن ينشط القطاع الخاص في المنطقة لتأمين فرص العمل للكثير من الشباب الذين ينتظرون فرصة ما بفارغ الصبر.أما زهر الدين دويري فقد قال: أنا من مواليد 1981 حصلت على الثانوية العامة وأديت مباشرة الخدمة الإلزامية لمدة عامين ونصف وبعد تسريحي تقدمت لعدة وظائف منها الجمارك والمياه والكهرباء والنتيجة دائماً تأتي بالرفض بحجة إني غير لائق، ولكن المفارقة إنه عندما طلبنا للخدمة الاحتياطية وجدونا بقمة اللياقة البدنية والنفسية والجسدية.
وأضاف أديت الخدمة الاحتياطية لمدة سبع سنوات وخدمت الوطن بكل محبة وقدسية فالوطن ملكنا جميعاً وحقه علينا خدمته وحمايته والآن صار عمري 40 سنة ولم أحظَ بوظيفة ولدي عائلة وبيت تحتاج الكثير من المصاريف ما اضطرني إلى استئجار محل للخضار علماً إن هذا المحل كان في السابق ملكي لكني اضطرت لبيعه أثناء الخدمة الاحتياطية لتأمين مصروفي ومصروف بيتي، وحالياً أبحث عن فرصة للهجرة إلى خارج البلاد لتأمين مستقبلي ومستقبل أبنائي بعد أن فقدت الأمل بأي وظيفة تؤمن لي ولأسرتي حياة كريمة.
وأكد قائلاً: للأسف نحن خدمنا بكل محبة وإخلاص وكنا على أتم الاستعداد للتضحية بالدم والروح ولكن غيرنا استفاد، ممن تهرب من الخدمة وعمل على تأمين نفسه وعائلته ومستقبله.
السيدة نوال محلا قالت: أنا أم لثلاثة أبناء شابين وفتاة وساكنة بالآجار ولا نملك أي مصدر دخل يؤمن لنا حياة كريمة وخاصة بعد أن توفي زوجي وأكملت: دارت الحياة بنا وجارت علينا كثيراً ولكني قررت أن أنتصر عليها ولم أترك عملاً إلا واشتغلت به لتأمين قوت أبنائي ودراستهم، عملت على الصاج وخبز الفطائر وبيعها ومن ثم افتتحت محل ألبان، وبعدها جئت على شك الخرز والتطريز والخياطة حتى مرضت وصار معي (ديسك) وقد حاولت العمل في مجال آخر يناسب وضعي الصحي، وافتتحت محلاً لبيع الألبسة المستعملة حتى لا أحتاج أحداً، فالحياة لا تنتظر أحداً ولكن علينا جميعاً خلق الفرص المناسبة والنحت في الصخر للحصول على قوت يومنا وعلى حياة كريمة.
نغم زاهر قالت: منذ طفولتي وأنا أعمل مع عائلتي وحالياً أدرس في الجامعة تعليم مفتوح فرع تجارة واقتصاد وقسم مشاريع صغيرة ولكن مصروف جامعتي فاق طاقة أهلي بحثت كثيراً عن فرصة عمل تساعدني على إتمام دراستي ولكني لم أجد فمنطقتنا فقيرة بالمشاريع التي تؤمن فرص العمل للشباب مما يجعلني أفكر بتوقيف تسجيلي في الجامعة، وخاصة بعد أن رأيت الكثير من الخريجين بلا عمل ولا وظائف وقد قدمت على مؤسسة التبغ على أساس الثانوية وكلي أمل أن أفوز بفرصة عمل بها.
ورود يوسف قالت: أنا من عائلة مؤلفة من سبع بنات وشابين وعائلة كبيرة كهذه تحتاج للكثير من المصاريف والحاجيات ولذلك اضطررت باكراً للعمل لمساعدة أهلي واتبعت كثيراً من الدورات لزيادة مهاراتي مثل دورة (خياطة، حلاقة، صناعة الصابون) ولكني أطمح وأتمنى تأمين فرص عمل ثابتة لنا نحن الشباب ولو ضمن القطاع الخاص.
قيس دويري قال: قدمت على الكثير من المسابقات لكني لم أوفق في إحداها وكأن الأسماء الفائزة جاهزة مسبقاً.
يخبروني بأن المشكلة في الرقم الخاص بي في الشؤون حيث الكثير من الأسماء قبلي وهم يأخذون الأسماء حسب الدور لا أعلم الحقيقة ولكن من حقي أن أحظى بفرصة عمل كباقي الشباب الآخرين وسأظل أحاول رغم إني تعلمت مهنة الخياطة وافتتحت محلاً خاصاً بي لأمارس هذه المهنة فالحياة قاسية ولا ترحم أحداً.
منال أحمد قالت: تخرجت من الجامعة منّ فترة طويلة وانتظرت أن تأتي مسابقة وأتعين بموجبها ولكن عندما حان الوقت وأتت المسابقة لم يطلبوا من اختصاصي إلا في المحافظات البعيدة والتي تنص في أحد شروطها بعدم النقل إلا بعد خدمة خمس سنوات بعيدة عن عائلتي وأسرتي ولذلك لم أتقدم لها، وأعمل حالياً على إعطاء الدروس الخصوصية للطلاب في منزلي وكلي أمل أن أحظى بأية فرصة عمل تعينني في هذه الحياة الصعبة وخوفاً من شبح البطالة الذي يلاحقني في كل مكان.
منتجب سلهب قال: نحاول أن نخلق فرصة عمل نعيش منها ولكن كل السبل إلى ذلك صعبة، فالقروض التي يتحدثون عنها في كل وقت وحين صعبة المنال بسبب شروطها الصعبة من الكفالات إلى الحيازات العقارية إلى التحكم بكل خطوات المشروع وهوما يجعلنا نفكر مئة مرة قبل التقدم للحصول على أحد هذه القروض، وحين فكرت بالعمل على السيارة التي يملكها أهلي خرجوا لنا بقصة البطاقة الذكية والتي تحكمت بكمية الوقود التي نحتاجها للعمل، ولذلك أوقفت السيارة لأن كمية الوقود لا تكفي إلا لحاجات المنزل وخاصة إننا من قرية بعيدة والسير غير متوفر فيها ونحتاج بشكل يومي للمجيء إلى المدينة إن كان لمراجعة الطبيب أو لشراء الحاجيات أو لإيصال أخوتي إلى مكان تواجد سرافيس اللاذقية للذهاب للجامعة أو.. ولذلك اعتزلت التفكير بأي مشروع أو التقدم لأي مسابقة لأن الراتب لا يكفي لعشرة أيام من الشهر و أفكر حالياً بالسفر لأي مكان لتأمين عمل خاص بي أؤمن من خلاله مستقبلي.
وأخيراً.. هذه عينة من بعض اللقاءات التي أجريناها بشكل عفوي مع العديد من الأهالي والتي تبين صعوبة الحصول على فرصة عمل عامة أو خاصة إلا بشقِ النفس وحتى تأسيس مشروع صغير يحتاج إلى الكثير من الخبرة والجهد والمال وهو الشيء الذي يفتقر إليه الأبناء في بداية انطلاقتهم بالحياة.ولذلك نرجو إقامة مشاريع استثمارية تجارية وصناعية وسياحية تخدم المنطقة وتستوعب الأيدي العاملة فيها والخبرات الموجودة وتلبي طموحات الشباب لتأمين حياة كريمة لهم والحد من تفكيرهم بالهجرة إلى خارج البلاد.
سناء ديب