الوحدة – مهى الشريقي
لم يعد زيت الزيتون، الذي لطالما شكّل ركناً أساسياً في المائدة السورية، متاحاً كما كان في السابق، إذ بات ارتفاع أسعاره يشكّل عبئاً ثقيلاً على المستهلكين، في ظل أزمة إنتاج حادة ناجمة عن الجفاف وتراجع المحصول، هذا ما أكده عدد من المواطنين خلال شكواهم عن الأسعار فذكر أغلبهم في لقاءاتهم أن الراتب الشهري لم يعد يكفي لشراء صفيحة زيت واحدة، مشيرين إلى أن الحال يعكس واقع آلاف الأسر السورية التي باتت تجد صعوبة في تأمين هذه المادة الغذائية الأساسية، بعد أن تجاوز سعر الكيلو الواحد حاجز 25 ألف ليرة سورية.
وتعود الأزمة الحالية لزيت الزيتون بشكل رئيسي إلى تحديات الإنتاج، حيث تسببت ظروف الجفاف وانخفاض معدلات الهطول المطري بخسائر كبيرة في المساحات المزروعة بمحصول الزيتون، وخاصة أن 85% من زراعته في سوريا زراعة بعلية، ولا تقتصر المعاناة على المستهلكين، حيث ساهم الجفاف والحرائق وتكاليف النقل والعصر والعمالة والأسمدة في زيادة الأعباء على المزارعين، الذين تكبّدوا خسائر رغم ارتفاع قيمة المحصول.
وأوضح بعض المزارعين أيضاً، أن التكاليف المرتفعة حالت دون تقديم الخدمات الزراعية الكافية، مشيرين إلى أن تحكّم بعض التجار في السوق واستغلال قلة الإنتاج ساهما في رفع الأسعار، كما أثر تراجع إنتاجية الزيتون على كمية الزيت المستخرج، حيث يحتاج إنتاج كيلو الزيت الواحد بين 4 و5 كيلو من الزيتون، وفيما يتعلق بآلية التسعير، أوضح مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك محمد زيتون، أن آلية التسعير الحالية انتقلت بشكل كامل إلى السوق الحر، مؤكداً أن الوزارة لا تتدخل في تحديد الأسعار إلا في حال رصد فروقات غير مبررة أو ممارسات احتكارية.
هذا الأمر انعكس على سعر التنكة (16 كيلوغراماً صافياً) لتتجاوز 85 دولاراً أمريكياً وفق تقديرات بعض التجار الذين أرجعوا السبب إلى ضعف الموسم الزراعي، إضافة إلى الطلب المتزايد من الشركات العاملة في مجال معالجة الزيت وتصفيته وتعبئته وتغليفه وتصديره، بعد فتح باب التصدير، فيما أكد عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها ونائب رئيس القطاع الغذائي إياد بيتنجانة، أن ضعف الإنتاج المحلي وعدم توفر الكميات الكافية لعمليات التصدير، دفع المصنعين والمصدرين إلى المطالبة بتوفير كميات كافية من المنتج، حتى لو كان عبر استيراده بشكل مؤقت مع إعفائه من الرسوم الجمركية.
وأشار بيتنجانة إلى أن المصنعين والمصدرين يطالبون بإعفاء عبوات الـ 10 ليترات من الرسوم الجمركية، نظراً لوجود طلب عليها في الأسواق الخارجية، لضمان استمرارية الصناعة الوطنية ودعم صادرات العبوات الصغيرة، الجدير ذكره، أنه يعمل في قطاع زراعة الزيتون نحو 300 ألف أسرة، ويسهم بما يقارب 9.5% من الدخل الزراعي في سوريا، ما يجعل دعم هذا القطاع ضرورة ملحّة لضمان استقراره واستدامته، والحفاظ على العلامات التجارية لزيت الزيتون السوري في الأسواق الخارجية