الوحدة 27-11-2023
انتشرت في الآونة الأخيرة في كل مكان من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والدول الأوروبية لوحات تعبيرية مكتوب فيها :
stop making stupid people famous
ومعناها: توقف عن جعل الناس الأغبياء مشهورين.
فالدفع بالتافهين إلى واجهة العمل الاجتماعي والإعلامي هو جريمة بحق الأجيال الناشئة، وما أكثرهم هذه الأيام!
حيث يقول الفيلسوف الكندي “آلان دونو”:
“إن التافهين قد حسموا المعركة لصالحهم في هذه الأيام، لقد تغير الزمن.. زمن الحق والقيم، ذلك أن التافهين أمسكوا بكل شيء بكل تفاهتهم وفسادهم فعند غياب القيم والمبادئ الراقية يطفو الفساد المبرمج ذوقاً وأخلاقاً وقيماً إنه زمن الصعاليك الهابط”.
وما نراه اليوم في عالم التواصل الواسع أنه كلما تعمق الإنسان في الإسفاف والابتذال والهبوط كلما ازداد جماهيرية وشهرة.
إن مواقع التواصل نجحت في ترميز التافهين حيث صار بإمكان أي جميلة بلهاء غبية أو وسيم فارغ أو عائلة تافهة أن يفرضوا أنفسهم على المشاهدين عبر عدة منصات تلفزيونية عامة هي أغلبها منصات هلامية وغير منتجة لا تخرج لنا بأي منتج قيمي صالح لتحدي هذا الزمان… !!
كما أن محاولة السيطرة على عقول أبنائنا وتوجيهها حسب أهوائهم وفرض ما يحبون وما يكرهون عليهم، هي محاولة مستميتة منهم لتملّك هؤلاء الناشئة فكرياً وعقلياً وجسدياً، وحرفِهم عن عاداتهم وتقاليدهم، ونسف مبادئهم ومعتقداتهم وأخلاقهم، وزرع هلوساتهم وتفاهاتهم وسخافاتهم مكانها، لتصبح حياتهم الخاصة بتفاصيلها الفارغة والسطحية وأحداثها اليومية العادية وما يأكلون ويشربون ويرتدون ووو… مستباحة بلا حياء أو ضمير!.
المشكلة حقيقية وبحاجة إلى اجتثاث من جذورها، قد يقول قائل: بكل بساطة بإمكانكم أن تسيطروا على أبنائكم وتبعدوا شبح هؤلاء التافهين عنهم.. لكن كيف؟ ومواقع التواصل مباحة أمام أبنائنا ولا يمكن لجم سطوتها وتغلغلها اليومي في تفاصيلهم، حتى أصبحوا أسرى لهذه الشاشات ومن المستحيل حرمانهم أو إبعادهم عنها.. ليبقى الخطر قائماً إلا في حال استعاد الأهل بعضاً من هيبتهم التي يحاول أمثال هؤلاء تقزيمها وإلغاءها. عقول الناشئة في خطر كبير يداهمها ولابد من إشهار منصات تفتك بهؤلاء وتكشف زيفهم وعقولهم الفارغة إلا من السخافة والابتذال والإسفاف، تقودها عقول نيّرة تنشر العلم والفكر والأدب والثقافة.
ريم جبيلي