حقوق الإنسان ..ازدواجية المعايير الدولية

الوحدة:23-11-2023

أغلب دول العالم قامت بالتوقيع على معاهدات حقوق الإنسان التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من حيث العالمية والمساواة وعدم التجزئة والبعد عن التمييز من حيث اللون والشكل والمذهب، مايؤكد عالمية حقوق الإنسان الدولية لوقاية الأفراد والجماعات من انتهاكات حقوقهم  ومطالبة الدول باتخاذ إجراءات إيجابية لتيسير تمتع الإنسان بحقوقه الأساسية، حيث يتولى القانون الدولي لحقوق الإنسان وضع التزامات يتحتم على الدول أن تمتنع عن التدخل في حقوقه وتقليص التمتع والممارسة لها.

مع انعدام المعايير الأخلاقية تغيب العدالة الدولية، رائحة فساد الضمير العالمي تتصاعد اليوم وتزكم الأنوف وهي أسوأ من رائحة الجثث المتفسخة التي كنا نظن واهمين أنها أسوأ رائحة قد تصادفنا، لكنها ناجمةعن تفسخ طبيعي للجسد، أما ازدواجية المعايير الدولية فهي ناتجة عن تفسخ غير أخلاقي للضمير العالمي، العدل والحق في هذا العالم تائه لم يجد له داراً، ومهمش لم يجد له قراراً، وضائع لم يجد له مكاناً، وسيادة قانون الغاب والانحياز للقوي المجرم على حساب الضحية الضعيفة وتجريدها من سماتها الإنسانية لتحويلها إلى شيء لا سمات له ولا أبعاد، حيث يجعل الضمير العالمي اليوم من الضحية قاتلاً وإرهابياً يجب محاربته وردعه،  ومن المجرم ضحية يجب حمايتها.

حق القوة قوامٌ على كل القيم والمثل والمبادئ، وضع العالم في فوضى عارمة لا تحكمها شرائع ولا قوانين ونظم، وصارت العنصرية قيادة والنازية الصهيونية حاكماً، يلبسون الشر لباس الخير تحت شتى الذرائع والحجج كمقدمات لأحزان آتية، نحن نعيش في عصر القوة الأمريكية الغاشمة التي تفرض على العالم حق القوة والمصلحة الاستعمارية وقوانين وشرائع الغاب، ولا ترى إلا بعين واحدة هي إسرائيل.

إسرائيل تمثل الرصيد الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية حيث يهدف الحقد الصهيوني لتغدو غزة زنزانة زجاجية يختنق داخلها الشعب الفلسطيني، ويستند التعنت الإسرائيلي المفرط في تعصبه وعدوانيته على عجز الأسرة الدولية عن اتخاذ أي موقف فاعل وحازم يرغم الكيان الصهيوني على الانصياع للشرعية الدولية، واستغلال عدم التوازن في العلاقات الدولية وترك الغيم مفتوحاً على البرق للتسويف وتضليل المجتمع الدولي وسرقة الوقت واستثماره لصالح اغتصاب ما تبقى من أرض فلسطين وتهجير بقية الشعب الفلسطيني عن أرضه ودياره.

فلسطين هي الابتسامة التي غادرت وجوهنا منذ خمسة وسبعين عاماً وصارت مدنها مناف وطرقاتها يا حادي العيس ومعابر لا تموت ولا تعيش، ونزيف الدم الفلسطيني يهدر في كافة المناطق الفلسطينية، موت غشيم ضليل، وسماء غزة تتلبد بغيوم الحرب وسحب الدمار، غزة المتضوعة بأناشيد الرصاص وحجارة من سجيل لا تنكسر، تجز بأظلاف الذئاب شعورها وأهلها صاروا يتامى في الرمال وأشلاؤها الجريحة تتناثر في عراء الخديعة الدولية، وأسر فلسطينية لم تستيقظ من كابوسها وهي مذهولة أمام موتاها، ولكن مهما تفرعن الطغاة لن يتمكنوا من إخماد لهيب الطوفان والقضاء على الثورة والمقاومة وروح النضال والتضحية.

وما تعانيه غزة اليوم من فواجع سيحفر ذكرى أليمة حادة في قلوب الناس وعقولهم وخاصة الأطفال..لا بد من احترام الأفراد والشعوب بحيادية تامة وعدالة مطلقة التي أجمع عليها العالم كله ويتساوى تحت مظلتها جميع البشر، واتخاذ التدابير والإجراءات الملزمة لتطبيقها عند انتهاكها على المستويين الإقليمي والدولي كي يسود السلام بين دول العالم وينعم به الصغير والكبير والغني والفقير ويصبح مظلة لجميع البشر.

نعمان إبراهيم حميشة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار