الوحدة 17-10-2023
اعتاد أهالي طرطوس أن يتوفر زيت الزيتون بوفرة في منازلهم من أفقرهم لأغناهم، وكانت سندويشة الزيت مع الملح حلاً لمن يشعر بالجوع ولا يجد شيئاً آخر، ليصبح اليوم الزيت والزيتون كالذهب غير متوفر في العديد من المنازل ومع قلة الموسم هذا العام وارتفاع تكاليف الإنتاج وصل سعر بيدون الزيت لأكثر من مليون و٢٠٠ ألف ليرة (كان في العام الماضي السعر بين ٢٣٠ – ٢٥٠ ألف ل.س)، فيما يخشى العديد من العمال والموظفين وصغار الكسبة من عدم قدرتهم على تأمين هذه المادة الرئيسية لطعامهم، حيث تساءل مجموعة منهم: هل بتنا نحتاج لقروض لتأمين الزيت فقط؟ وهل ستساعدنا الحكومة في تأمين هذه المادة بعد أن سمحت بتصديرها وقام بعض التجار الكبار باحتكارها ؟! بنفس الوقت وبجولة على أسواق طرطوس وجدنا أن سعر كيلو الزيتون الجديد يتراوح بين ٦٥٠٠ _٢٥ ألف ليرة حسب نوعه، فيما أشار العديد من المزارعين إلى أنهم لم يدخلوا أرضهم ولم يجنوا ولا حبة زيتون واحدة، بينما تصدرت منطقة بانياس المرتبة الأولى بإنتاج المحافظة وقدر موسم الزيتون فيها الذي تم البدء بجنيه في الثلث الأخير من شهر أيلول وانتهى تقريباً اليوم بنحو ٢٩٠٠ طن، تليها منطقة الشيخ بدر بنحو ٢٨٠٠ طن، ثم القدموس ١٨٠٠ طن وأقلّها منطقة طرطوس ب ٦٤٠ طناً، كما تم تسجيل ١٣٧ معصرة زيتون عاملة بالمحافظة لهذا الموسم من أصل ٢٤٥ معصرة ما بين حديثة ويدوية، وتم تشكيل لجنة لمراقبة لعملها ولآلية التخلص الآمن من مياه الجفت. بدورهم أصحاب هذه المعاصر اشتكوا من قلة المازوت المعطى لهم وبسبب ضرائب المالية الباهظة، ما رفع أسعار نقل المحصول والعصر على المزارع أيضاً، بوقت قدرت فيه زراعة طرطوس إنتاج الموسم الأولي ب ١٠٧٠٥ أطنان فقط يمكن اعتبار ربعها المقدر بحوالي ٢٥٠٠ طن زيتاً، كما أشار الأستاذ أسعد سليمان مدير الإحصاء في الزراعة قابلها في الموسم الماضي نحو ١٥٦٥٢٧ طناً، وهي كمية وفيرة وجيدة جداً، وبالعودة لتقديرات الأعوام السابقة بالمحافظة (٥١.٤٥٨ ألف طن بعام ٢٠٢١ ، و٩٢ ألف طن بعام ٢٠٢٠، ١٠٣ آلاف طن بعام ٢٠١٩ ، ٦٣ ألف طن بعام ٢٠١٨، ١٦٣ ألف طن لعام ٢٠١٧)، يكون هذا العام هو من أقل أعوام الإنتاج بسبب المناخ والمعاومة خاصة لنوع الدعيبلي الأكثر انتشاراً في المحافظة، والذي دعت زراعة طرطوس مراراً لاستبداله بأصناف أخرى مقاومة لأمراض البيئة الساحلية كما أشار م.محمد عبد اللطيف رئيس دائرة الأشجار المثمرة، حيث قامت المديرية بإنتاج بستان أمهات الزيتون لصنفي السكري والعيروني في مركز زراعي الثورة في عام ٢٠١٥، وقام فريق فني متخصص بتطعيم ٣٥٠ شجرة زيتون صنف السكري، و١٠٠ شجرة من صنف العيروني، بغية تأمين أقلام التطعيم لإعطائها مجاناً للمزارعين خلال ثلاث سنوات حينذاك لتصبح مصدر تأمين العُقل للبيت الزجاجي، كما تم في عام ٢٠١٧ زراعة حقل أمهات الزيتون في البيت الزجاجي (مركز إكثار الزيتون بالعقل الغضة)، وتم أخذ العقل منها في عام ٢٠٢٠، مع توزيع المطاعيم على المزارعين الراغبين بالتطعيم، وقامت الزراعة بتوزيع أقلام العيروني المقاوم لأمراض البيئة الساحلية وغير المعاوم منذ عام ٢٠١٧ والخطة مستمرة لعشر سنوات قادمة، وبخصوص الزيتون القزمي أشار عبد اللطيف أن الزراعة كانت قد منعت زراعته لأنه غير مناسب لبيئنا، ويتأكسد زيته خلال ٦ أشهر من عصره. نذكر أخيراً بأن سورية الكبرى تعد الموطن الأصلي لشجرة الزيتون المباركة، وقد كان للفينيقيين الفضل بزراعتها ونقلها إلى مصر، فيما كانت سورية تتصدر المرتبة الخامسة بزراعة الزيتون على مستوى العالم، وطرطوس تحظى بالمركز الرابع بزراعته على مستوى القطر بعد حلب وإدلب واللاذقية.
رنا الحمدان