الوحدة: ٢٥-٨-٢٠٢٣
التراث ذاكرة الأجداد، تراثنا هو ما نقله أجدادنا لنا، وما سننقله لأجيال المستقبل فهو منهج وأسلوب حياة يتطور ويخضع لبعض المؤثرات، لكن جوهره ثابت كثبات جذورنا التاريخية. يشكل التراث الوطني بشكليه المادي واللامادي شخصيتنا الوطنية فهو يمثل هويتنا وثقافتنا وتقاليدنا وآثارنا التاريخية العريقة. وكل ما أنتجه الأجداد من معالم تاريخية أثرية وعمران ومبان وأسوار ومتاحف وفنون تشكيلية وصناعات يدوية وأدوات إلخ… يمثل تراثاً مادياً. أما النتاج الفكري والفني من آراء وآداب وفنون وثقافات وعادات وتقاليد إلخ… يمثل تراثاً لا مادياً. فالتراث المادي بمثابة الجسد والتراث اللامادي بمثابة الروح لهذا الجسد. بهذه المقدمة استهل الباحث: بسام جبلاوي محاضرته التي حملت عنوان: التراث الشعبي في اللاذقية “الحكواتي اللاذقاني”، وذلك في قاعة النشاطات بدار الأسد. في مادتنا الآتية نقتطف بعضاً مما جاء في المحاضرة من مضامين ومعلومات تراثية شيقة.
كان ياما كان، يا سادة يا كرام، كان في قديم الزمان، يا مستمعين الكلام. إنها لغة الحكاية ومصدرها (الحكاواوي) وقد جسدت الحكايات مع مختلف أشكال التعبير الفني التي توصل بها الإنسان إلى التعبير عن مأساة حياته أو عن فرحته والحكايات الشعبية يشترط في روايتها الصدق الفني في النقل أكثر من الصدق الإخباري فهي إبداع فني، فهذه الحكايات بطبيعة مادتها الشفافة وتصوراتها الدرامية، وسهولتها اللغوية، وصيغتها الأدبية تعتبر من أكثر أشكال الأدب الشعبي تأثيراً بالمتغيرات والمؤثرات الاجتماعية الثقافية والاقتصادية وعوامل التحضير والمدنية. يعد الحكواتي أو الحكوجي هو من يجيد تصريف الكلام، ولم يصبح الحكواتي على ما هو عليه حتى أواسط القرن العشرين، وبعد أن مر بمراحل كان يطلق عليه القصاص الشعبي. وكان دور الحكواتي أن ينقل للناس الذين يتابعونه صور المغازي والفتوحات بأروع حلة وأبدع في تصوير الأمر الذي يتوافق مع الطباع العربية التي تقدم الأخلاق الحميدة والفضائل. وهي تتمحور حول الشجاعة والكرم والبطولات. سابقاً كان مركز نشاط الحكواتي في صحن المسجد، ثم لاحقاً في الساحات العامة التي يتجمع فيها الناس. وبعدها في المقاهي وقد أصبح الحكواتي في هذه الأيام من نشوة الماضي, وعد جزءاً من التراث الشعبي بعد أن حظيت شخصيته بشعبية كبيرة منذ أن انتشرت في مقاهي اللاذقية القديمة.
رفيدة يونس أحمد