الوحدة 5-8-2023
تقف عقارب الساعة عند الفنان ناصر ثابت في لحظة واقعة الزلزال التي هلكت فيها أرواح، الأبيض يرافق الأسود ولطالما الحزن والألم يرافقهما التفاؤل وفرح آت، فرغم هول الواقعة التي أحزنتنا من الداخل لكنها أبداً لن تقتلنا مع أن قلوبنا تنزف. لدى الفنان ناصر رؤية بصرية شفافة، تتفاعل مع الفكرة وأهم الأحداث بطريقة تعبيرية و أدبية، وبأسلوب أبسط مما يراه الناس، وأرقى مما يراه المثقفون، فتخرج لوحاته ناطقة بالحياة. في لقائنا مع الفنان التشكيلي ناصر ثابت في معرضه الذي أقامه في صالة المعارض بالمركز الثقافي في اللاذقية، أشار إلى أن معرضه هذا بعنوان (برد وورود) الذي بدأ مشواره فيه متنقلاً ليعرضه في طرطوس ثم بانياس واليوم في اللاذقية يقول: إنه أضاء على المحنة التي مررنا بها جراء الزلزال، وركز في صوره على الطفل إذ علق في ذاكرتنا، الطفل الذي ليس هذا المكان مكانه، لهذا نسج خلفية اللوحات بشيء والموضوع بشيء آخر، الموضوع هو الطفل ولا ينتمي للخلفية، ويتابع قائلاً: أردت أن أوصل رسالة بأن هذا الطفل ليس هذا مكانه، ولكنه فرض عليه أن يكون بهذا المكان وهذا الزمان، وهو ما شكل مأساة لكل السوريين، فحاولت أن أنقل هذا الألم وهذه المأساة، وهذه اللوحات لا تمثل الواقع بألمه فقط، وإنما حالة تجاوزنا الألم. اللوحة الأولى هي الساعة التي ثبتها بالملاقط وعقاربها تشير على الرابعة وسبع عشرة دقيقة لحظة وقوع الزلزال رسمتها بشكل سريالي، 12 لوحة بقياس واحد 50 – 60 سم، الخلفية بالأبيض والأسود من الأكريليك تمثل حالة البلد والعامة التي حلت، والموضوع بالزيتي، في كل لوحة ترين الأمل والمستقبل، وشيء نراهن عليه نحن السوريين. لكل لوحة عنوان مثل: هذه الأقدام الصغيرة هي بعنوان (تصبحون على وطن)، وهذا الطفل الذي ينظر للسماء ويشير بأصبعه (واستغفر الله من كل شيء) إنه سيخبر الله بكل شيء، هذه اللوحة بقي حذاء الذي فقدناه، وهذا طيف طفل رحل وبقي بالبال والوجدان …أما آخر اللوحات فهي تمثل الوجدان السوري، فلا أحد يحس بالسوري غير السوري، ولا شيء يفرقنا. اللوحة التي بقيت بمرسمي هي بعنوان (الآن وهنا من رواية عبد الرحمن منيف) لوحاتي بعضهم يرون فيها فرحاً كبيراً، وأخرون يرون الحزن والألم، لكن الطفل يبث فينا الأمل. في لوحة تعريفية بالفنان التشكيلي ناصر ثابت هو عضو بنقابة فناني السويداء،مدرس لمادتي الفيزياء والكيمياء، وخريج جغرافيا بشرية، له معرض فردي عام 2001 في دمشق بعنوان (رؤية) ومعرض ثان للذين غرقوا في البحر، وهذا الثالث بعنوان (برد وورد). الأستاذ ياسر صبيح – مدير دار الأسد قال: الفن هو شكل من أشكال الوعي الاجتماعي، لا بل أهمها، ينقل الرسائل بمصداقية وشفافية، وهذه اللوحات ذات رمزية قوية، برهنت على أن السوري هو دائماً مع السوري يد واحدة، قد نقلنا الفنان بلوحاته إلى حالة من الحزن والألم إذ تذكرنا اللحظات العنيفة التي عشناها، ومن هنا جاء عنوان المعرض(برد وورد ) يترجم الحالة التي كنا فيها حالة الطقس غير الطبيعية، والتي تزامنت مع وقوع الزلزال، الورد هم الأطفال الذين نأمل بهم أن يكون المستقبل الأفضل، أخيراً – للآسف الزلزال باق في أذهاننا لكن قد يكون له رسائل توعوية على أننا نحن بقلب واحد ويد واحدة ولا أحد يمدنا بالقوة غير أنفسنا.
هدى سلوم