الوحدة 8-7-2023
نوقشت في جامعة تشرين/كلية الآداب و العلوم الإنسانية/ رسالة دكتوراه لطالب الدرسات العليا محسن محمد حيدر بعنوان: الملامح الوجودية في شعر المجون في العصر العباسي الأول من 132 – 232 هجري، و ذلك بإشراف: أ.دحكمت إبراهيم عيسى/المشرف الرئيس، ود : طلال حسن، المشرف المشارك، و بعد انتهاء المناقشة تداولت لجنة الحكم المؤلفة من السادة:. الدكتورحكمت عيسى و الدكتور عبد الستار السيد أحمد والدكتورة وفاء جمعة و الدكتور محمد مسعود و الدكتور يعرب خضر، و بموجب المداولة منح الباحث محسن حيدر درجة الدكتوراه بتقدير امتياز. في مادتنا الآتية نسلط الضوء على أهم ما جاء في البحث من مضامين و استنتاجات: إنّ الدّارس للأدب العربي القديم وبشكلٍ خاصّ لأشعار المُجّان العبّاسيّ الأوّل لا بدّ من أن يقف عند سماتٍ خاصّة تميّزها، كالنزوع الفكريّ، والتقاطع مع فلسفة اللذّة، ومع الفكر الصّوفي، وتمجيد الذّات وتقديس الأنا، والتماهي مع الآخر القريب من مذهبهم وأسلوب حياتهم، إضافةً إلى الغربة والاغتراب والقلق الوجوديّ. والإنسان – بحسب النظرية الوجوديّة – يتميّز بالحريّة المطلقة، وهذا المبدأ يتلاقى مع رؤية الشّعراء المُجّان، لأنّ أسلوبهم في الحياة والشعر – في معظمه – يمثّل تقديساً للحريّة، وثورةً على القيود الفنّيّة والحياتيّة معظمها، ودعوةً في الوقت عينه إلى التحرّر من القيود كلّها، وإلى الرفض والتمرّد على قيم الأقدمين وعاداتهم، و دعوةً إلى إنشاء قيمٍ و أخلاقٍ جديدةٍ تلائم حياتهم، وتنسجم مع أفكارهم وأهوائهم، وتعدّ الحريّة من أهم مبادئ الوجوديّة التي نلمحها في شعر المُجون في العصر العبّاسيّ الأوّل، و لعلّ هذا ما قادهم إلى السّلوك العابث المستهتر، وإلى العبثيّة في حياتهم وسلوكهم وأفكارهم، وجعلهم يعيشون القلق الوجوديّ، والإحساس بالغربة والاغتراب، ويشعرون بوطأة المصير، وهذا ما جعل البحث يسعى لإيجاد نقاط التلاقي والتقارب بين تيّاري المجون والوجوديّة، مع الإشارة إلى اختلاف البيئة والزمان والمكان والدوافع والأهداف. وتأتي أهميّة البحث من كونه يولي مزيداً من الاهتمام للنّاحية الفكريّة للشعر وخاصة شعر المجون، وذلك عبر الربط بينه وبين مصطلحات الفلسفة وعلم النفس. ولمّا كان البحث يسعى إلى تسليط الضّوء على أشعار المجّان في العصر العبّاسيّ الأوّل، فإنه كان يهدف إلى الكشف عن ملامح الوجوديّة وما يرتبط بها في أشعارهم، وإبراز قيمتها الفنيّة، وأثرها في تجديدهم الشّعري، ومواقفهم الفكريّة، وفي تمرّدهم على المستويات كافّةً. تقوم هذه الدراسة على استقراء النصوص الشعريّة، و إبراز قيمتها الفنيّة، وقد وجدتْ في المنهج الوصفي خير معينٍ، لأنّه سيفيدها في التفسير والتحليل والتقييم، وفي قراءة النصوص وتحليلها بقدر استجابتها له، وقد وصل إلى مجموعة من النتائج، ومن أبرزها: إنّ شعر المجون يحمل بذوراً فلسفيّة، ويتلاقى مع الفلسفة الأبيقوريّة إنّ العبثيّة في أشعارهم كانت ثمرة إدراكهم أنّ الحياة دون معنى، ولا شيء واقعيّ وحقيقيّ فيها سوى الموت، فكان سلوكهم العابث الماجن هروباً من هذه الحقيقة، وتمرّداً عليها في آنٍ معاً، فكان المجون لديهم مقاومةً للموت والفقر والقهر والاغتراب.
رفيده يونس أحمد