الوحدة 3-7-2023
مرّ العيد على هذه البلاد والعباد فيها مكسورة النفس ومحسورة الحال، بأيدي مكفوفة عن ألوان العيد وأرجوحته وحلواه، حتى أن الكثير منهم كان حبيس البيت حيث الخطوة خارجه تكلف آلاف الليرات، وهو ما عبّرت عنه آراء بعض الناس ومنهم:
أم جعفر – موظفة: مثل كل الأيام مرّ العيد على أهل بيتي، فالراتب عاجز عن استقبال العيد أو الأهل والجيران، وأتى العيد في أواخر الشهر حيث الراتب في خبر كان، وبالكاد فنجان قهوة كما في صباحيات الجارات.
أم جوى هللت بقدوم العيد فقد ألح عليها والدها الأرمل أن تصطحب ابنتيها وتأتي إلى القرية لتشاركه عطلة العيد، وقد ترددت كثيراً، فليس في بيتها ما تأخذه معها وتقول: (الفأرة إذا دخلت بيتي لا تجد فيه ما تأكله) ، ولكن والدي يعرف الحال وأني لن أخرج من بيتي في العطلة، ولما ذهبنا إليه كنت قد اشتريت من جاري علبة حلوى صغيرة بالدين، وقد لامني والدي على ما فعلته.. ، وقضينا أيام العيد عنده وهو يأتي كل يوم بحاجيات البيت لأطبخ وتهنأ البنات.
جوى الصغيرة أشارت بأنها تحب جدها فقد أعطاها عيدية كبيرة ولما عادت من عنده ذهبت إلى السوق مع والدتها واشترت بلوزة لها، كما أن أختها اشترت بنطال جينز بعيديتها.
أم علي، قالت: الحمد لله، ولدي ميسور الحال ويشتغل طوال النهار بالبناء، وهو قليلاً ما يأتي، وإن كان فيمر مرور الكرام حتى في الأعياد، لكنه لا يبخل علينا أنا ووالده بشيء، خاصة الدواء، لكني أشتاق لصغيرته فهي عندي زهرة بيتي، وهذا العيد جاء ليمضي يوماً كاملاً عندنا وقد أرجع الحياة لقلبي وأنعش خاطري بذكريات العيد والمراجيح والحلوى التي كنت أصنعها مع الجارات في الأعياد، لقد غصت في عيني الدموع، ما زالت تلك الأيام في باله حيث كنا نعيش في المدينة ولما تقاعد والده عدنا للقرية لزراعة الأرض، كانت الأعياد حينها في هناء ورغد العيش، آه من وجع هذه الأيام، وكل عام وأهل بلدي بخير…
أم مقداد رأيناها في الحديقة برفقة ولدها ابن الخمسة أعوام، أشارت بأنها قليلاً ما يدق أحد باب بيتها، حيث الناس في بؤس شديد خاصة أيام العيد، فلا يستطيعون استقبالها وولدها، كما أنها مثلهم لا تستطيع استقبال أحد، فتصحب ولدها لتمضية بعض الوقت وتسليته في الحديقة وقد تشتري له البسكويت، كما يمكنها أن تلتقي ببعض الجارات، العيد جميل لكنه ليس لها وزوجها موجوع ومقعد في سريره، حتى الأخ ابتعد وسافر بعيداً عن اليأس والفقر، بعد أن قدم لنا التهاني بالعيد، وأي عيد مع البؤس…
هدى سلوم