العـــــدد 9351
الثلاثـــــــاء 21 أيار 2019
ولأنّنا نسعى دائماً وأبداً إلى أن نكون أولئك الأشخاص الذين رسموا لأنفسهم الصورة الكاملة عبر الأقوال المثالية والأفعال الكاملة الفاضلة, ولأنّنا ما نزال أولئك الأشخاص الذين نراهم في الآخرين حيث هم ما نحن المبتغى من ذواتنا والمنتهى إليها فلكلٍ منّا هدفٌ هو ساعٍ إليه أو غايةٌ يقصدها.
وكثيرة هي الأوقات التي يقف كلٌّ منّا يبحث ويبحث ويجدُّ في بحثه علّه يصل غايته أو يحقّق هدفه وذلك عبر المراجعات للأيام الماضية أو عبر التصوّرات للأيام القادمة وكلّنا في وقفته مع ذاته يصل أعلى درجات الصدق والوضوح في ما كان إليه أو ما يمكن أنْ يصير إليه لأنّه مؤمن كلَّ الإيمان بأنّه إنّما يُحاور ذاته ويكلّم نفسه بل إنّه في الحقيقة العليا إنّما يُعيد تشكيل ذاته عبر تصوّراته أو تخيّلاته.
ويبقى الأمر على هذه الشاكلة التي تأخذنا في رحلة قد يُسميها البعض الرحلة السندبادية التي في بعضها خيالية وفي بعضها الآخر تحمل الكثير من الجمالية في الإسقاط على القيمة الإنسانيّة وهذا هو شأن بعضنا بل أكثرنا البعض الذي يقف موقف المُصارح لنفسه والمتصالح معها فيما وكيف يُمكن له أن يُترجم هذا التصارح والتصالح أو كان شأن أكثرنا الذين إنّما يريدون أن يكونوا على هذه القيمة بعيداً عن الحال الآني أو الوضع الحالي لأنّهم افتقدوا الجرأة في الطّرح أو القدرة على الفعل أو لأنّه غير مقتنعين بأنّه هم أنفسهم وأنفسهم فقط دون غيرهم من يستطيع أن يُغيّر في ذاته أو أنْ يُعيد تشكيل اللوحة الداخلية للحالة النفسية أو القناعة الفكرية والتي في حقيقة أمرها هي ملكٌ للجميع ولكن ليس الجميع بقادر على إخراجها إلى العلن وإخبار الملأ .
وبالعود على البدء كلٌّ منّا بحاجة إلى أن يقف موقف المحاور لنفسه ليكون هو بنفسه لا غيره المتحاوَر معه عبر أسئلة لا يجرؤ أحدٌ أن يطرحها عليه إلا إنْ كان هو هو ويُدرك مدى أهميّة أن يكون المرء مُحاوراً لنفسه وقائداً لها ليصلَ إلى ما أراد وابتغى أو إلى ما رسم الطريق في المبتدى عبر تلك الحوارات الآنية الحقيقيّة.
نعيم علي ميّا