العدد: 9349
الأحد-19-5-2019
قف أيها القلم، المداد دموع في المحابر، وكلماتك ضمت الماضي والحاضر، راحت تجتاز المدى وتظهر في كل المظاهر، براقة، شفافة واضحة المعالم بكل الفخر والمفاخر.
تجمعت حروف اللغة العربية مترابطة بكلماتها ومعانيها، لتأخذ منك الفضائل والمآثر، جاءت لتمتص عبق مقالاتك الواجمة على السطور وتحبكها لوحة خالدة بالحب والوقار.
عرفت الحياة (كلمة) تغنيت بجمالها، واستمتعت برونقها، جاءت إليك طائعة ومطاوعة على لسان قلم بين أناملك، رويتها بأفكارك، ولثمتها بثغرك وغرستها في صدور الآخرين.
أخذت من الدنيا عمراً بعمر الورود، أشواكها أدمت يديك ومقلتيك وقلبك وشفتيك، حملت أعباء الحياة على جسم برته الأيام، عطرتها بأفكارك ووهبتها عبق أتعابك، وزينتها بروح الشباب المتوثب الشامخ بتواضعه وآدابه محققاً صورة المعلم وهو يشعل شموع الأمل لينير البصر والبصيرة ويفتح دروب النور، وينشر البهجة على وجه القادمين مستمسكاً برسالته المثالية العالية المبدع بأفكاره ووجدانه، ويسقي الآخر من عرق جبينه.
وقفت على ضفاف نهر الزمن والأجيال أمامك على أمواجه تحاكي الجمال والإبداع، تعطي ما تريد وتأخذ ما تشاء بكل براءة وصبر وخير، وتصغي إلى همسات المعاني وقداسة العلم في أداء الواجب ورفع شأن الإنسان في إنسانيته العالية.
جاءت إليك العبقرية تفرش بساطها، وتقرع أبواب ذهنك، وتدخل عالم الذاكرة، وتزرع الأمل في مجالاتك الأدبية المتعددة، ويظهر الإبداع من جديد بعد أن أدركت كلمة الحياة التي لا يدركها غير العلماء والفلاسفة في شتى أنواع العلوم الصافية، الراقية في حب الجمال وأبعاده.
أيها الزميل الراحل… هنا تقف العبارة، وتبقى الحروف صامتة أمام الحدث الكبير، أجل لقد تجمعت الحروف وشكلت كلمة (عيسى في رحاب الله) تجمعت لتعيد عرى الكلمات لمكانتها مزركشة بالمعنى الأصيل، وتنادي أين من يفتق أجفان المعرفة لنصل إلى الأعماق الرائعة السامية.
وهنا تناوبت الأفعال، عاد الفعل الماضي على زورق بحور الشعر يجدد النغمة ويعيد ما تبقى من أفكار، وجاء المضارع يعرض حاضره، ولكن المستقبل غاب. وهناك لا صوت.. ولا جواب، وينهض الأمر قاصداً السبيل قائلاً: – الأمر يومئذٍ لله-
أيها المبدع يا من جعلت الدنيا لوحة في قصيدة شاعر وريشة فنان يبدع في تصويرها، وصوت بلبل يترنح على أفنانها، وهمسة قيثارة على أوتارها وصوت ناي بعيد كأنه لهفة أم تشتاق إلى ولدها، أو دمعة طفلة تداعب أمواج النسيم شعرها، تحمل باقات زهر نيسان من أنفاسك تستمد عطرها المضمخ بالمحبة والصداقة والإخلاص، وكأني معك وأنت تخاطب هذا الوجود وتقول: هذا الوجود مكتبتي، وهذه الصفحات قصائد حبي ووجداني وهذه الجموع طلابي. أحبابي وخلاني…
هاشم إبراهيم سعود