الوحدة 8-6-2023
آلاف الطلاب من المتقدمين إلى الشهادتين الأساسية والثانوية يخوضون تجربة الامتحانات هذه الأيام، ليكونوا وجهاً لوجه مع هذا “الكابوس” الذي أرخى بظلاله عليهم وعلى عائلاتهم وكل مَن حولهم.. لنتساءل كثيراً لمَ أصبح الامتحان شبحاً يلاحق أبناءنا الطلبة؟.. الإجابة مسؤول عنها كل من له علاقة بهذا الاختبار الصعب، فالقصة تبداً من تلك المناهج التي تعقدت وجعلت من الطالب يكدح لسنتين أو أكثر قبل أن يصل إلى لحظة الامتحان، لتأتي معدلات القبول الجامعي وتجعل الحلم يلامس الكابوس، والعلامة فيصل في تقرير المصير، فمن يحلم بفرع متقدم في الجامعات العامة، عليه أن يكون “عالماً” في الصف الثالث الثانوي، وإلا سيتوجه حتماً إلى مغامرة غير محسوبة النتائج في الجامعات الخاصة، وأنى لمن لا يملك القدرة المالية أن يحقق حلمه وحلم عائلته الموغل في تلافيف دماغه، والحديث هنا عن أولئك الطلبة الذين ينشدون التفوق دائماً، وقد تقصيهم هفوة صغيرة عن بلوغ الهدف، في قت تكون فيه الأسرة والعائلة قد بدأت بتحميل أبنائها أعباءً ومسؤوليات جِسام، فيدخل الطالب الامتحان وهو مثقلٌ بالآمال والعهود والتطلعات والأحلام ليكون مستقبل العائلة وحاضرها وماضيها واسمها أمانة بين يديه وفي عنقه، وويلٌ لمن خانته ذاكرته أو خيّب رجاء أهله!!. مع كل الضغوطات، يدخل الطالب قاعة الامتحان بكاهل مثقل مذخّر بكل أسلحة الضغط النفسي والعصبي والجسدي والاجتماعي والاقتصادي… ليواجه وحيداً ما جنته يداه وما اختزنته ذاكرته المدجّجة بآلاف المعلومات والأسئلة والإجابات والتكهّنات والتوقعات و… ليبدأ ضغط قاعة الامتحان وما يسودها من جوّ الرهبة والخوف والرّعب.. والذي قد يزيده ويفاقمه وجود بعض من يستهويهم الترهيب، فقد يصادف الطالب وجوهاً عابسة مكفهرّة، وموفدين لا يعرفون رسم الابتسامة، مما يزيد من توتر الطلاب وقلقهم، بدلاً من اتباع أساليب فيها من الحبّ والرحمة والرأفة الكثير، لتبثّ الأمان والطمأنينة في قلوبهم الراجفة الخائفة، وتهدّئ من روع أنفسهم المضطربة، فتتحول القاعة من الامتحانية إلى شبح أو كابوس، بدل أن تكون مكاناً مريحاً، يمتصّ ما أمكن من رهبة الامتحان وقلق الممتحنين .. في يوم الامتحان، لا كرامة ولا إهانة، بل تقرير مصير، واختبار حصيلة أكثر من عام من الاجتهاد المتواصل والكدّ والتعب وسهر الليالي للطالب ولمن حوله، ناهيكم عن المال الطائل المنفَق على المعاهد والدروس الخصوصية والدورات، والمحصّل من القروض والاستدانات والجمعيات والقروش البيضاء التي كانت مخبّأة للأيام السوداء، فإما أن يضيع ويُهدر ويذهب أدراج الرياح، وإما ينال النجاح والتفوق والتميز، ويجبر خاطر، ويرضي رغبات ويلبّي تطلعات كل من عقد الأمل عليه.. دعواتنا وصلواتنا لكم بألّا يضيع جهدكم واجتهادكم، لتبقوا حجر الأساس الذي تُبنى عليه الأوطان، ومستقبلها المشرق الموعود.
ريم جبيلي